المناسبة :
الكلام مرتبط بما قبله بنحو واضح ، فبعد أن أمر الله تعالى إبراهيم عليهالسلام بالنداء للحج ، أبان ثواب تعظيم أحكام الله وشرعه ومنها مناسك الحج ، وإباحة ذبح الأنعام وأكلها إلا ما استثني تحريمه ، ثم أتبعه بالنهي عن تعظيم الأوثان ، والافتراء على الله ، والكذب في أداء الشهادات ، وهلاك من يشرك بالله ، ثم أوضح كون تعظيم الشعائر من علائم التقوى ودعائمها ، وأن محل نحرها هو الحرم المكي ، كما أن لكل أمة أو جماعة مؤمنة ذبائح يتقربون بها إلى الله تعالى.
التفسير والبيان :
(ذلِكَ ، وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ ...) أي ذلك هو المأمور به من الطاعات في أداء المناسك وثوابها الجزيل ، ومن يعظم أحكام الله بالعلم بوجوبها والعمل بموجبها ، بأن يجتنب المعاصي والمحارم ، ويلتزم بالأوامر ، فله على ذلك ثواب جزيل ، والثواب يكون على الأمرين معا : فعل الطاعات ، واجتناب المحظورات أو ترك المحرّمات.
والحرمات : جمع حرمة وهي بمعنى ما حرم الله من كل منهي عنه في الحج من الجدال والجماع والفسوق والصيد ، وتعظيمها يكون باجتنابها. وقيل : الحرمات : جميع التكاليف الشرعية في الحج وغيره ، وقيل : هي مناسك الحج خاصة ، وقيل : إنها حرمات خمس : المسجد الحرام (الكعبة) والبيت الحرام ، والمشعر الحرام ، والبلد الحرام ، والشهر الحرام. وتعظيمها باجتناب المعاصي ، ومنها الاعتداءات فيها.
وضمير (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) راجع إلى التعظيم المفهوم من (يُعَظِّمْ) أي أن تعظيم هذه الأشياء سبب للمثوبة المضمونة عند الله تعالى ، وعلى هذا لا يكون (خَيْرٌ) أفعل تفضيل.