وتأكيدا لعظم تلك الخسارة قال تعالى :
(يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) أي يعبد من غير الله آلهة من الأصنام والأنداد ، يستغيث بها ، ويستنصرها ، ويسترزقها ، وهي لا تضره إن لم يعبدها ، ولا تنفعه في الآخرة إن عبدها.
(ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) أي ذلك الارتداد ، وعبادة تلك الأصنام ، هو الضلال الموغل في الضلالة ، البعيد جدا عن طريق الصواب.
ثم زاد الأمر تأكيدا فقال :
(يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ ، لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) أي يدعو (تكرارا للأول) لمن ضرره في الدنيا قبل الآخرة أقرب من نفعه فيها ، وأما في الآخرة فضرره محقق متيقن ، لبئس الناصر هو ، ولبئس الصاحب هو. أو يقول الكافر حينما يتحقق من تضرره بعبادته هذا المعبود الخاسر الذي أدخله النار : لبئس هذا المولى والناصر ، ولبئس هذا العشير والصاحب.
وأما الفئة الثالثة : وهم الأبرار السعداء فهم الذين آمنوا بقلوبهم ، وصدقوا إيمانهم بأفعالهم، كما قال تعالى :
(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ..) أي إن الله تعالى يكافئ المؤمنين الصادقي الإيمان ، الذين عملوا الصالحات ، أي الطاعات والقربات ، وتركوا المنكرات ، بإدخالهم روضات الجنات التي تجري من تحت أشجارها الأنهار.
(إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) بإكرام أهل الطاعة وإثابتهم ، وإهانة أهل المعصية وحرمانهم من فضله ، يفعل وفق مراده ومشيئته المطلقة ، فلا رادّ لقضائه ، ولا معقّب لحكمه ، يدخل المؤمنين الجنة ، ويدخل الكافرين النار.