نزول الآية (١١):
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ) : أخرج البخاري عن ابن عباس قال : كان الرجل يقدم المدينة ، فيسلم ، فإن ولدت امرأته غلاما ، ونتجت خيله قال : هذا دين صالح ؛ وإن لم تلد امرأته ولدا ذكرا ، ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء ، فأنزل الله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ).
وأخرج ابن مردويه من طريق عطية عن ابن مسعود قال : أسلم رجل من اليهود ، فذهب بصره وماله وولده ، فتشاءم بالإسلام ، فقال : لم أصب من ديني هذا خيرا ، ذهب بصري ومالي ، ومات ولدي ، فنزلت : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) الآية.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى في الآية المتقدمة : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) [٣] حال الأتباع الجهال المقلّدين الذين يتبعون أهل الكفر والمعاصي والشياطين ، ذكر هنا حال المتبوعين ، الدعاة إلى الكفر والضلال ، رؤساء الشر والابتداع.
وبعد بيان حال هؤلاء المجادلين في توحيد الله بلا حجة ولا برهان صحيح ، أبان تعالى حال المنافقين مضطربي الإيمان ، الذين لم تستقر عقيدتهم ، من جماعة الأعراب القادمين إلى المدينة بقصد المنفعة المادية.
وبعد كشف حال عبادة المنافقين وحال معبوديهم من الأصنام والأوثان ، أوضح الله تعالى صفة عبادة المؤمنين وصفة معبودهم ، فعبادة الأولين خطأ غير صواب ، ومعبودهم لا يضر ولا ينفع ، أما عبادة المؤمنين فهي حق وحقيقة ، ومعبودهم يعطيهم أعظم المنافع وهو الجنة.