فقه الحياة أو الأحكام :
إن في كلّ من قصتي زكريا وابنه يحيى ومريم وابنها عيسى آية خارقة للعادة ، ومعجزة غير معتادة دالة على قدرة الله تعالى الفائقة ، والشاملة لكل شيء.
أما قصة زكريا فقد أكرمه الله تعالى بولادة يحيى بعد دعاء ومناجاة ، وتضرع وإخلاص ، وأدب وتفويض لله تعالى ، وذلك في سن الكبر هو وامرأته ، التي كانت عاقرا لا تلد في وقت الشباب. ووجه الآية الفريدة أن الكبير عادة لا ينجب ، وأن العاقر العقيم لا يلد ، فأزال الله موانع الولادة ، وهيأ القدرة على الإنجاب والإخصاب عند الأب زكريا عليهالسلام.
وسبب هذه الإجابة لدعاء زكريا أنه كان كغيره من الأنبياء يبادر إلى فعل الطاعات ، وعمل القربات ، وأنه كان يدعو في حال الرخاء وحال الشدة ، وحال الرجاء والرهبة ، وأملا في رحمة الله وفضله ، وخوفا من عذابه وعقابه ؛ لأن الرغبة والرهبة متلازمتان.
وأما قصة مريم الطاهرة البتول فقد أحصنت فرجها إحصانا كليا من الحلال والحرام جميعا ، ولم يقربها رجل ، وتمّ نفخ الروح في جوفها ، وإيجاد عيسى بواسطة جبريل الروح القدس من غير أصل ذكر.
فقوله : (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) معناه أمرنا جبريل حتى نفخ في درعها أي قميصها ، فأحدثنا بذلك النفخ (المسيح) في بطنها ، ووصل النفخ إلى جوفها ، وسرت الروح إلى فرجها ، وكان ذلك آية أي علامة وأعجوبة للخلق ، وعلما لنبوة عيسى ، ودلالة على نفوذ قدرتنا فيما نشاء.
وآيات مريم كثيرة كما تقدم :