(كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) أي كل هؤلاء من الصابرين على مشاق التكاليف وشدائد النوائب ، أو على طاعة الله وعن معاصيه (وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا) يعني في النبوة ، أو في نعمة الآخرة (إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) أي الكاملين في الصلاح ، وهم الأنبياء ، فإن صلاحهم معصوم عن كدر الفساد.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى صبر أيوب عليهالسلام ودعاءه ربه ، أتبعه بذكر هؤلاء الأنبياء ، فإنهم كانوا أيضا من الصابرين على الشدائد والمحن والعبادة. أما إسماعيل عليهالسلام : فلأنه صبر على الانقياد للذبح ، وصبر على الإقامة ببلد لا زرع فيه ولا ضرع ولا بناء ، وصبر في بناء البيت ، فأكرمه الله بجعل خاتم النبيين من صلبه.
وأما إدريس فكما قال ابن عمر رضياللهعنهما : «بعث إلى قومه داعيا لهم إلى الله تعالى ، فأبوا ، فأهلكهم الله تعالى ، ورفع إدريس إلى السماء الرابعة» وهو أول من خاط الثياب ولبس المخيط ، وكانوا قبله يلبسون الجلود ، وأول من اتخذ السلاح عدّة للحرب.
وأما ذو الكفل : فإنه صبر على صلاة الليل حتى يصبح ، وعلى صيام النهار فلا يفطر ، ويقضي بين الناس فلا يغضب ، ووفى بذلك وبما ضمن على نفسه.
قيل : إنه كان عبدا صالحا ، كان يصلي لله كل يوم مائة صلاة ، والأكثرون كما ذكرت أنه من الأنبياء عليهمالسلام ، بدليل اقترانه مع الأنبياء.
التفسير والبيان :
(وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ، كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) أي واذكر أيها النبي نبأ إسماعيل بن إبراهيم الخليل ، وإدريس بعد شيث وآدم ، وذي الكفل أي الحظ الكثير ، الذي هو إلياس ومن بني إسرائيل ، وقد عاش في بلاد الشام ، كل