(فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) أي أجبنا دعاءه ، ورفعنا عنه ضره ، وعافيناه.
(وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) أي وعوضناه عما فقد في الدنيا ، فأعطيناه مثل أهله وزيادة مثل آخر ، فقد ولد له من زوجته من الأولاد ضعف ما كان عنده.
(رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا ، وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) أي أعطيناه التعويض عن المال والأهل والولد ، وعافينا جسده ، رحمة منا به ، وتذكيرا للعابدين بالاقتداء به ، والصبر كما صبر ، ليثابوا كما أثيب ، وحتى لا ييأس مؤمن من عفو الله ورحمته وفضله ، ولا يطمع مؤمن في أنه لا يصاب بسوء أو مكروه ، فالدنيا دار ابتلاء وامتحان.
وقال الزمخشري : أي لرحمتنا العابدين ، وأنا نذكرهم بالإحسان ، لا ننساهم ، أو رحمة منا لأيوب وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر ، حتى يثابوا كما أثيب في الدنيا والآخرة.
فقه الحياة أو الأحكام :
ذكر القرطبي سبعة عشر قولا في بيان الضر الذي مس أيوب ، والحق الاقتصار على ظاهر النص القرآني ، وهو أنه أصيب بضرر في نفسه وبدنه وأهله وماله ، فصبر ، ثم عافاه الله تعالى ، وأعطاه خيرا مما فقد ، وأثنى عليه بالصبر : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً ، نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص ٣٨ / ٤٤]. والثابت المؤكد أن مرضه لم يكن منفرا. والهدف أن قصته عبرة ، وتعريف أن الدنيا مزرعة الآخرة ، وأن الواجب على الإنسان أن يصبر على ما يناله من البلاء فيها ، ويجتهد في القيام بحق الله تعالى ، وألا يضجر من شيء ، وألا يتسخط ولا يتبرم ، وإنما يصبر على حالتي الضراء والسراء. وقد أجمل الله تعالى هذه العبرة بقوله : (رَحْمَةً