عن الشيطان أن يقول كلمة محظورة فيبرأ ، وأشارت عليه بذلك ، فقالت له : إلى متى هذا البلاء؟ فحلف إن برئ ليضربنها مائة ضربة ، فحلل الله له يمينه وأمره بأن يأخذ ضغثا (وهو حزمة صغيرة من حشيش أو ريحان أو قضبان) ويضربها به ، وذلك رحمة به وبها ، لحسن خدمتها إياه ، ورضاه عنها.
وهي رخصة مقررة في عقوبات الحدود في شريعتنا وفي غيرها أيضا في حالات الضرورة كالمرض والحمل.
التفسير والبيان :
أيوب عليهالسلام مثل أعلى ومشهور في الصبر على المحنة والبلاء ، حتى صار يضرب به المثل ، فيقال : كصبر أيوب ، وها هي قصته :
(وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ ..) أي واذكر أيها الرسول للعبرة والعظة والتأسي خبر أيوب الذي أصابه البلاء في ماله وولده وجسده ، حين دعا ربه ، وقد مسّه الضر فقال : رب إني مسني الضر والعناء ، وأنت أرحم الرحماء. وصف نفسه بما يقتضي الرحمة ، ووصف ربه بغاية الرحمة ، ولم يصرح بمطلوبه بطريق التلطف في السؤال ، وإيمانه بأن ربه عليم به. والنداء : الدعاء.
وكان مرضه طويل الأمد ، إلا أنه غير منفر للناس ولا مشوه للجسد ؛ لأن الأنبياء معصومون ، سالمون عن الأمراض المنفرة طبعا. وقد لازمته زوجته ، وظلت تحنو عليه وتقوم بأمره. وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أحمد والبخاري والترمذي وابن ماجه عن سعد : «أشد الناس بلاء : الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلبا ، اشتد بلاؤه».
قال الضحاك ومقاتل : بقي في البلاء سبع سنين وسبعة أشهر ، وسبعة أيام ، وسبع ساعات. قال ابن العربي : وهذا ممكن ، ولكنه لم يصح في مدة إقامته خبر ولا في هذه القصة.