فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي من الأحكام :
١ ـ الحق والصواب واحد لا يتعدد ، فإن حكم سليمان كان هو الأصوب ، ولكن لا مانع من الخطأ في الاجتهاد ، فمن اجتهد فأصاب فله أجران ، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد ، ولكن لا يجوز الحكم قبل الاجتهاد بالإجماع ، وعلى المجتهد أن يجدد النظر عند وقوع الحادثة ، ولا يعتمد على اجتهاده المتقدم ، لإمكان أن يظهر له ثانيا خلاف ما ظهر له أولا.
فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن العاص أنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» وفي السنن الصحاح : «القضاة ثلاثة : قاض في الجنة ، وقاضيان في النار : رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة ، ورجل حكم بين الناس على جهل فهو في النار ، ورجل علم الحق وقضى بخلافه ، فهو في النار».
وقال الحسن البصري : لولا هذه الآية لرأيت القضاة قد هلكوا ، ولكنه تعالى أثنى على سليمان بصوابه ، وعذر داود باجتهاده.
وقريب من هذه القصة المذكورة في القرآن : ما رواه الإمام أحمد في مسنده والشيخان والنسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بينما امرأتان معهما ابنان لهما ، إذ جاء الذئب ، فأخذ أحد الابنين ، فتحاكمتا إلى داود ، فقضى به للكبرى ، فخرجتا ، فدعاهما سليمان ، فقال : هاتوا السكين أشقّه بينكما ، فقالت الصغرى : يرحمك الله ، هو ابنها ، لا تشقه ، فقضى به للصغرى».
وأما حكم مسألة رعي الزرع ليلا في شرعنا ، فقال الجصاص : ولا خلاف بين أهل العلم أن حكم داود وسليمان بما حكما به من ذلك منسوخ ؛ وذلك لأن داود