قال ابن العربي : لم يرد إذ جمعها في القول اجتماعهما في الحكم ، فإن حاكمين على حكم واحد لا يجوز ، وإنما حكم كل واحد منهما على انفراد بحكم ، وكان سليمان هو الفاهم لها (١).
أما نعم الله على داود عليهالسلام فهي :
١ ـ (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ، وَكُنَّا فاعِلِينَ) أي وسخر أي ذلل الله الجبال والطيور مسبحات مقدّسات الله مع داود لطيب صوته بتلاوة كتابه الزبور ، وكان إذا ترنم به تقف الطير في الهواء فتجاوبه ، وترد عليه الجبال تسبيحا ، فيكون ذلك أكثر تأثيرا في مشاعره وعواطفه ، فيستديم في التسبيح ، وقد وصف النبي صلىاللهعليهوسلم صوت أبي موسى الأشعري حين استمع لقراءته القرآن فقال فيما رواه أحمد والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة ، والنسائي عن عائشة : «لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود».
وقدمت الجبال على الطير ؛ لأن تسخيرها وتسبيحها أعجب وأدل على القدرة الإلهية ، وأروع في الإعجاز ؛ لأنها جماد ، والطير حيوان إلا أنه غير ناطق.
ونطق الجبال والطير بأن يخلق الله فيها الكلام ، كما خلقه في الشجرة حين كلم موسى عليهالسلام ، فإذا ذكر داود ربه ذكرت الجبال والطير ربها معه ، لذا قال تعالى :
(وَكُنَّا فاعِلِينَ) أي قادرين على أن نفعل هذا ، وإن كان عجبا عندكم.
ونظير الآية : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء ١٧ / ٤٤].
__________________
(١) أحكام القرآن : ٣ / ١١٥٤