فيقولون : لو شاء الله منا ألا نكفر لمنعنا عن هذا الكفر ، وحيث لم يمنعنا عنه ، ثبت أنه مريد لذلك ، فإذا أراد الله ذلك منا ، امتنع منا تركه ، فكنا معذورين فيه.
وهذا حكاية عن لسان حالهم أو عما سيقولونه ؛ لأن الله محيط علمه بكل شيء سيقولونه ، فهو من إخباره بالمغيبات قبل وقوعها.
التفسير والبيان :
هذه شبهة تشبّث بها المشركون في شركهم وتحريم ما حرموا ، فإن الله مطلع على ما هم فيه من الشرك ، والتحريم لما حرموه ، فأخبر بما سوف يقولونه.
إنهم يقولون : إن شركهم ، وشرك آبائهم ، وتحريمهم ما أحل الله من الحرث والأنعام ، هو بمشيئة الله وإرادته ، ولو لا مشيئته لم يكن شيء من ذلك ، كمذهب الجبرية بعينه.
ونظير هذه الآية قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا : لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا ، وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ، كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [النحل ١٦ / ٣٥] وقوله عزوجل : (لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ، ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ ، إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) [الزخرف ٤٣ / ٢٠].
فردّ الله عليهم شبهتهم بقوله : (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ ...) أي مثل ذلك التكذيب الذي صدر من مشركي العرب وأهل مكة للنبي صلىاللهعليهوسلم فيما جاء به من إثبات الوحدانية والربوبية لله تعالى ، وقصر التشريع والتحليل والتحريم عليه ، وإبطال الشرك ، كذب الذين من قبلهم رسلهم تكذيبا غير مبني على أساس من العلم والعقل.
وذلك لأنهم كذبوا ما جاءت به الرسل ، ولم ينظروا فيها ، وإنما أعرضوا