(لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ) إلا هذه الأشياء ، لا ما تحرّمونه بشهوتكم ، ولم يكن في الشريعة في ذلك الوقت محرّم غير هذه الأشياء ، كما قال القرطبي ، ثم نزلت سورة [المائدة] بالمدينة. وزيد في المحرّمات من أصناف الميتة المنخنقة والموقوذة والمتردّية والنّطيحة ونحوها ، كما زيد تحريم الخمر.
وحرّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة أكل كل ذي ناب من السّباع وكلّ ذي مخلب من الطّير.
وأكثر أهل العلم أن كل محرّم حرّمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو جاء في القرآن مضموما إلى هذه المحرّمات ، فهو زيادة حكم من الله عزوجل على لسان نبيّه عليه الصّلاة والسّلام. مثل زواج المرأة على عمّتها وعلى خالتها ، مع قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) [النساء ٤ / ٢٤] ، وحكمه عليه الصّلاة والسّلام باليمين مع الشاهد مع قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) [البقرة ٢ / ٢٨٢]. وآية : (قُلْ : لا أَجِدُ ...) هي جواب لمن سأل عن شيء بعينه ، فوقع الجواب مخصوصا.
وقال مالك : لا حرام بيّن إلا ما ذكر في هذه الآية ، ولهذا قال بعض المالكية : إن لحوم السباع وسائر الحيوان ما سوى الإنسان والخنزير مباح.
ودلّت الآية أيضا على حكم استثنائي وهو حال الضرورة ، فعند الاضطرار يزول تحريم المحرمات ، لدفع خطر الهلاك ، وحفاظا على حقّ الحياة.
وأما آية : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا) فتدلّ على أنّ الله تعالى حرّم على اليهود عقوبة لهم أشياء أخرى سوى هذه الأربعة المذكورة في الآية السابقة ، وهي نوعان ، ولم يحرمهما على المسلمين.
النّوع الأوّل ـ كل ذي ظفر غير مشقوق الأصابع ، كالإبل والنّعام والإوزّ والبط.