مالا خير فيه ، أو كما قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : العذاب باعتبار أنه الفعل المؤدي إلى الرجس ، من الارتجاس وهو الاضطراب. وقال الزمخشري : الرجس يعني الخذلان ومنع التوفيق.
(وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً) أي وهذا الإسلام الذي يشرح له صدر من يريد هدايته ، هو طريق ربك الذي ارتضاه للناس واقتضته الحكمة ، وأكد ذلك بقوله : (مُسْتَقِيماً) أي طريقا سويا لا اعوجاج فيه ؛ لأن صراط الله تعالى لا يكون إلا مستقيما ، وغيره من السبل معوج منحرف ، كما قال النّبي صلىاللهعليهوسلم في حديث أحمد والترمذي عن علي في وصف القرآن : «هو صراط الله المستقيم ، وحبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، والنور المبين».
(قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) أي قد وضحناها وبيناها وفسرناها لقوم لهم فهم ووعي يعقلون عن الله ورسوله.
ولهؤلاء القوم الملتزمين طريق الاستقامة دار السلامة والطمأنينة وهي الجنة ؛ لأنهم التزموا منهج الأنبياء (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي يوم القيامة. والله وليهم أي متولي أمورهم وكافيهم ، جزاء على صالح أعمالهم.
واذكر يا محمد فيما نقصه عليك وتنذرهم به يوم نحشر الإنس والجن جميعا ، ونقول : يا جماعة الجن قد استكثرتم من إغواء الإنس وإضلالهم ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً ، أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) [يس ٣٦ / ٦٢]. ويقول الذين أطاعوا الجن واستمعوا إلى وسوستهم وتولوهم ، من الإنس ، في جواب الله تعالى : انتفع كل منا بالآخر ، انتفع الإنس بالشياطين حيث دلوهم على الشهوات وعلى أسباب التوصل إليها ، وانتفع الجن بالإنس حيث أطاعوهم وساعدوهم على مرادهم.
وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا أي الموت ، أو أنهم يعنون يوم البعث. وهذا