اتباع الرسل ، والانقياد لهم فيما جاؤوا به ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي ، سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) [غافر ٤٠ / ٦٠] أي صاغرين ذليلين حقيرين.
ولما كان المكر غالبا إنما يكون خفيا وهو التلطف في التحيل والخديعة ، قوبلوا بالعذاب الشديد من الله يوم القيامة جزاء وفاقا : (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف ١٨ / ٤٩].
ومعنى كون العذاب من عند الله : أنه مما اقتضاه حكمه وعدله وسبق به تقديره ، كما قال تعالى : (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ. فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) [الزمر ٣٩ / ٢٥ ـ ٢٦].
فقه الحياة أو الأحكام :
النبوة أو الرسالة تمنح لمن هو مأمون عليها وموضع لها ، وأقدر على تحمل أعبائها ، وليست هي مثل مناصب الدنيا التي تعتمد على النفوذ والسلطة أو المال والجاه ، أو النسب ، أو كثرة الأعوان والأولاد.
وما على الناس إلا الإيمان بما جاء به الأنبياء ؛ لأن نبوتهم تثبت بدليل قاطع ، وبمعجزة خارقة للعادة.
فإن لم يؤمنوا أصابهم أمران : صغار وذل وهوان ، وعذاب الله الشديد في الآخرة ، بسبب إجرامهم ومكرهم ، وحسدهم وحقدهم ، وهذا حق وعدل ، تمييزا بين الطائعين وبين العصاة ، وإنما قدم الصغار على ذكر الضرر ، لأن القوم إنما تمردوا على طاعة محمد صلىاللهعليهوسلم طلبا للعز والكرامة ، فقابلهم الله بضد مطلوبهم.
والمشهور في تفسير الآية أن زعماء مكة أرادوا أن تحصل لهم النبوة والرسالة ،