الفعل إليهم جميعا مع أن قاتلها واحد ، كما جاء في سورة القمر (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ) [٢٩] لرضاهم جميعا بفعله ، وكما قال تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها ، فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها ، وَلا يَخافُ عُقْباها) [الشمس ٩١ / ١٤ ـ ١٥] وجاء في صحيح البخاري مرفوعا : «فانتدب لها رجل ذو عزة ومنعة في قومه كأبي زمعة».
وعتوا عن أمر ربهم أي تمردوا عن اتباع رسالة صالح وأعرضوا عن امتثال أمر ربهم ، وأمر ربهم : ما أمر به على لسان صالح عليهالسلام ، من قوله : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ ...) أو شأن ربهم وهو دينه. وقالوا : يا صالح ، ائتنا بما وعدتنا به من العذاب والانتقام ، إن كنت رسولا ، وتدعي الصدق فيما تبلغ به عن الله ، وهذه سمة الحمقى والسفهاء والأغرار.
روى الإمام أحمد والحاكم عن جابر قال : لما مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحجر قال : «لا تسألوا الآيات ، فقد سألها قوم صالح ، فكانت ـ يعني الناقة ـ ترد من هذا الفج ، وتصدر من هذا الفج ، فعتوا عن أمر ربهم ، فعقروها. وكانت تشرب ماءهم يوما ، ويشربون لبنها يوما ، فعقروها ، فأخذتهم صيحة ، أخمدهم الله بها من تحت أديم السماء ، إلا رجلا واحدا كان في حرم الله ، فقالوا : من هو يا رسول الله؟ قال : أبو رغال ، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه».
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) وفي سورة هود : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) وفي سورة فصلت : (فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) وفي سورة الذاريات : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ) والمراد بالجميع واحد : وهو الصيحة الشديدة التي زلزلت لها الأرض واضطربوا لها. وسببها اصطكاك الأجرام السماوية.
فأصبحوا في دارهم أي في بلادهم أو في مساكنهم جثثا هامدة موتى لا يتحركون.