[هود ١١ / ٤٣]. واستوت السفينة على جبل الجودي في نواحي ديار بكر من جبال أرمينية جنوب تركيا : (وَقِيلَ : يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي ، وَغِيضَ الْماءُ ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ ، وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ، وَقِيلَ : بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [هود ١١ / ٤٤].
وللعلماء رأيان في عموم طوفان الأرض ، فقال جماعة : لقد عمّ جميع أنحاء الأرض ، بدليل وجود بقايا حيوانية مائية في أعالي الجبال. وقال آخرون : لم يكن الطوفان عاما ، وإنما كان على الجهة التي كان يسكنها نوح وقومه ، وهي بلاد الشرق الأوسط وما جاورها.
ومن المعلوم أن البلاء يعم والرحمة تخص ، والنقمة لا تقتصر على الظالمين ، فتشمل الأطفال الأبرياء والوحوش والطيور : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) [الأنفال ٨ / ٢٥].
وكان نوح قد دعا بدعوتين : الأولى للمؤمنين والثانية على الكافرين ، أما الأولى فقال: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ..) [نوح ٧١ / ٢٨].
والثانية هي : (وَقالَ نُوحٌ : رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ ، وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) [نوح ٧١ / ٢٦ ـ ٢٧]. وكان ابن نوح في عداد الهالكين ؛ لأنه كان ظالما كافرا ، بدليل تمام الآية الأولى : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) والظلم هو الكفر. وهذا ابن نوح حقيقة في رأي جماعة ، وقال آخرون : إنه كان ابن امرأته من غيره ، ولم يكن ابنا حقيقيا له.
وكانت امرأة نوح تقول : زوجي مجنون ، كما كانت امرأة لوط تدل الناس على ضيفه إذا نزلوا به : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ،