الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل».
وكما أمر الله بدعائه والتضرع إليه ، نهى عن الإفساد في الأرض ، فقال : (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ ...) أي لا تفسدوا شيئا في الأرض بعد الإصلاح بما بناه المرسلون وأتباعهم المصلحون ، وشيّده العقلاء المخلصون ، من النواحي المادية والمعنوية ، كتقوية وسائل الحياة من زراعة وصناعة وتجارة ، وتهذيب الأخلاق ، والحث على العدل والشورى والتعاون والتراحم.
والإفساد شامل إفساد الأديان بالكفر والبدعة ، وإفساد النفوس بالقتل وبقطع الأعضاء ، وإفساد الأموال بالغصب والسرقة والاحتيال ، وإفساد العقول بشرب المسكرات ونحوها ، وإفساد الأنساب بالإقدام على الزنى واللواطة والقذف.
وبعد أن أبان الله تعالى شرط الدعاء وهو التضرع والخفية ، نبّه إلى بواعث الدعاء وموجباته ، وأشعر أن من لا يدعو ربه على هذا النحو يكون أقرب إلى الإفساد ، فقال : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً).
أي ادعوا الله خوفا من عقابه ، وطمعا في جزيل ثوابه ، فإن الدعاء مخ العبادة ولبّها ، لذا صرح بفائدة الدعاء ، وأنه مرجو الإجابة متى استكمل شرائطه وآدابه ، فقال : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ ..) أي إن رحمة الله تعالى قريبة من المحسنين أعمالهم ، وهي مرصدة للمحسنين الذين يتبعون أوامره ويتركون زواجره ، كما قال تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) [الأعراف ٧ / ١٥٦].
فمن أحسن الدعاء أعطي خيرا مما طلبه ، أو مثله ، أو دفع عنه من الشر مثله.