المطلق إلا له جل وعز. قال القرطبي : وهو قول حسن ، وفيه نظر (١).
٣ ـ الليل والنهار متعاقبان ، وتعاقبهما دليل على كروية الأرض وحركتها ودورانها. ولم يذكر في هذه الآية دخول النهار على الليل ، واكتفى بأحدهما عن الآخر ، مثل : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل ١٦ / ٨١] أي والبرد. ومثل : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) [آل عمران ٣ / ٢٦] أي والشر.
٤ ـ الشمس والقمر والنجوم وسائر الكواكب مخلوقة لله ، بدليل أنها معطوفة على السموات ، أي وخلق السموات ، وهي مذللات خاضعات لتصرف الله.
٥ ـ لله الخلق والأمر ، وقد دلت الآية على صدق الله في خبره ، فله الخلق وله الأمر ، خلقهم وأمرهم بما أحب ، وهذا الأمر يقتضي النهي. قال سفيان بن عيينة : فرق بين الخلق والأمر ؛ فمن جمع بينهما فقد كفر. فالخلق : المخلوق ، والأمر : كلامه الذي هو غير مخلوق ، وهو قوله : (كُنْ) : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) [يس ٣٦ / ٨٢].
وفي تفرقته بين الخلق والأمر دليل بيّن على فساد قول من قال بخلق القرآن ؛ إذ لو كان كلامه الذي هو أمر مخلوقا ، لكان قد قال : ألا له الخلق والخلق. وذلك عيّ من الكلام ومستهجن ، والله يتعالى عن التكلم بما لا فائدة فيه. ولو كان الأمر مخلوقا لافتقر إلى أمر آخر يقوم به ، وذلك الأمر إلى أمر آخر إلى ما لا نهاية له ، وذلك محال ، فثبت أن أمره الذي هو كلامه قديم أزلي غير مخلوق ؛ ليصح قيام المخلوقات بأمره ، بدليل قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) [الروم ٣٠ / ٢٥] وقوله هنا : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) فأخبر سبحانه أن المخلوقات قائمة بأمره.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٧ / ٢٢١