رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ ، وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) [الأنعام ٦ / ٢٧ ـ ٢٨].
وهذا كقوله هاهنا : (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ، وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي غبنوا أنفسهم بدخولهم النار وخلودهم فيها ، وذهب عنهم ما كانوا يفترون من خبر الشفعاء التي كانوا يعبدونهم من دون الله ، قائلين : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس ١٠ / ١٨] فلا يشفعون فيهم ، ولا ينصرونهم ، ولا ينقذونهم مما هم فيه.
فقه الحياة أو الأحكام :
القرآن الكريم أعظم نعمة على الإنسان ؛ لأنه بيان للإيمان الصحيح والحق الثابت ، والعبادة المرضية لله تعالى ، ولأنه هدى ورحمة للمؤمنين ، كقوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) [الأنعام ٦ / ١٥٥].
وتظهر في كل حين في الدنيا عاقبة ما أنذر به وحذّر ، وما أعلم به وأخبر ؛ لقوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) [فصلت ٤١ / ٥٣] وكذا في الآخرة ؛ لقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) أي عاقبة ما فيه. وعاقبة القرآن : ما وعد الله فيه من البعث والحساب وجزاء التكذيب به.
وتبدو عواقبه يوم القيامة ، فيعترف منكروه بأنه الحق الثابت والصدق الأبلج ، ويتمنون الخلاص بأي وسيلة ممكنة : إما بشفاعة الشفعاء ، أو الرد إلى الدنيا لتصحيح الأعمال بما يتفق مع مرضاة الله ، ولكن لا يجابون إلى مطلبهم ، فيندمون ولات حين مندم.
ولكن هؤلاء الكفار المنكرين قد خسروا أنفسهم بتعريضها للعقاب والعذاب في النار ، وبطل ما كانوا يقولون من أن مع الله إلها آخر ، ولم ينتفعوا بالأصنام التي عبدوها في الدنيا ، ولم ينتفعوا أيضا بنصرة الأديان الباطلة التي بالغوا في نصرتها.