غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام ٦ / ١٤٥] وقوله : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ ، فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة ٥ / ٣].
والإثم لغة : ما قبح ، وشرعا : ما حرمه الله ، ولم يحرم الله شيئا إلا لضرره. والصحيح ـ كما قال ابن كثير ـ أن الآية عامة في ذلك كله ، وهو ما ذكر ، وهي كقوله تعالى : (قُلْ : إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) [الأعراف ٧ / ٣٣] ولهذا قال : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ) أي سواء كان ظاهرا أو خفيا ، فإن الله سيجزيهم عليه ، أي أنه لا بد من أنه سيجازي مرتكب المعاصي على عصيانهم إذا ماتوا ولم يتوبوا. وجاء تعريف الإثم في حديث النواس بمن سمعان فيما أخرجه أحمد والدارمي بإسناد حسن : «الإثم : ما حاك في النفس وتردد في الصدر» وفي رواية مسلم : «الإثم : ما حاك في نفسك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس».
أما من تاب توبة صحيحة صادقة ، وندم على ما فرط ، فإن الله يغفر له ما بدر منه من الذنوب ؛ لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء ٤ / ١١٦] وكذلك فعل الحسنة عقب السيئة يمحوها ، لقوله تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [هود ١١ / ١١٤]. وورد في حديث أبي ذر جندب بن جنادة ومعاذ بن جبل فيما أخرجه الترمذي : «واتبع السيئة الحسنة تمحها».
ثم صرح الله تعالى بالنهي عن ضد ما فهم من الأمر السابق ، وهو قوله : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) فقال : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ..) أي ولا تأكلوا أيها المؤمنون مما مات ولم يذبح ولم يذكر اسم الله عليه ، ولا ما ذبح لغير الله وهو ما كان يذبحه المشركون لأوثانهم ، والذبح لغير الله والأكل من المذبوح فسق ومعصية ، قال عطاء في قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ