المفردات اللغوية :
(إِمَّا) أدغمت نون : إن الشرطية في ما الزائدة ، أي إن يأتكم. وضمّت «ما» إلى «إن» الشرطية تأكيدا لمعنى الشرط ، ولذلك لزمت فعلها النون الثقيلة. (يَقُصُّونَ) القصص : اتّباع الحديث بعضه بعضا. (آياتِي) أي فرائضي وأحكامي. (فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ) شرط وما بعده جوابه ، وهو جواب الشرط الأول : (إِمَّا). وقوله : (وَأَصْلَحَ) أي وأصلح منكم ما بيني وبينه. وقيل : جواب : (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) : ما دلّ عليه الكلام ، أي فأطيعوهم ، فمن اتّقى وأصلح.
المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى أن لكلّ أحد أجلا معيّنا لا يتقدّم ولا يتأخّر ، بيّن أحوال بني آدم بعد الموت ، إن كانوا مطيعين فلا خوف عليهم ولا حزن ، وإن كانوا متمردين وقعوا في أشدّ العذاب.
التفسير والبيان :
أنذر الله تعالى بني آدم أنه سيبعث إليهم رسلا يقصون عليهم آياته ويخبرونهم بأحكامه وفرائضه ، فقال : يا بني آدم إن أتاكم رسول منكم ومن جنسكم يخبركم بما أوجبته عليكم ، وما وضعته لكم من أنظمة في العبادات والمعاملات والأخلاق ، وما أمرتكم به من صالح الأعمال ، وما نهيتكم عنه من الشّرك وقبائح الأفعال ، فأنتم في أحد حالين ، أحدهما يبشّر والآخر يحذّر :
فمن اتّقى الله وأصلح ما بيني وبينه ، فترك المحرّمات وفعل الطّاعات ، فلا خوف عليه من عذاب الآخرة ، ولا يطرأ عليه حزن حين الجزاء على ما فاته ، أو فلا خوف عليه من أحوال المستقبل ، ولا حزن عليه من أحوال الماضي.
وإنما قال : (مِنْكُمْ) لأن كون الرّسول من جنس المرسل إليهم أقطع لعذرهم ، وأبين للحجّة عليهم ، إذ معرفتهم بأحواله ترشدهم إلى أن المعجزات التي يؤيده الله بها بقدرة الله لا بقدرته ، وأن الجنس يألف جنسه.