قال الكلبي : لما لبس المسلمون الثياب وطافوا بالبيت عيّرهم المشركون ، فنزلت هذه الآية.
التفسير والبيان :
قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين حرّموا ما أحلّ الله من الطّيبات ، واللّباس : إنما حرّم الله خمسة أشياء هي أصول المحرّمات ، وهي ما يأتي :
١ ـ الفواحش الظاهرة والباطنة ـ الجهرية والسرية : وهي الأعمال المفرطة في القبح ، ما ظهر منها وما بطن ، أو هي عبارة عن الكبائر ، لأنه قد تفاحش قبحها ، أي تزايد ، مثل الزنى والسرقة والخروج على الجماعة.
٢ ـ والإثم أي ما يوجب الإثم والذّنب : وهو المعاصي الصغائر ، فكان معنى الآية : أنه حرّم الكبائر والصغائر ، مثل النظر بشهوة لغير الزوجة. وقيل : الإثم : المعصية أو الذّنب مطلقا ، وهو عطف عام على خاص.
٣ ـ والبغي : أي الظّلم وتجاوز الحدّ في الفساد والحقوق ، بالاعتداء على حقوق الناس الآخرين أفرادا وجماعات. وقيد البغي بكونه بغير الحق ، لأن التّجاوز إذا كان لمصلحة عامة أو مع التراضي ، فلا شيء فيه.
٤ ـ والشّرك بالله : وهو أقبح الفواحش ، وهو أن يجعل مع الله إله آخر من صنم أو وثن أو شخص ، لم تقم عليه حجّة من عقل ولا برهان من وحي ، وسميت الحجّة سلطانا ، لأنها ترجح قول الخصم على غيره ، ويكون لها تأثير على عقل السامع وفكره ، وهي مثل قوله تعالى : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ ، فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ، إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) [المؤمنون ٢٣ / ١١٧].
وفي هذا دلالة على أن البرهان أساس الاستدلال على صحة العقيدة ، وأن الإيمان لا يقبل بغير وحي من الله ، يدعمه الدّليل والبرهان.