لا يقتضي إغراءه بالقبيح ؛ لأنه تعالى كان يعلم منه أنه يموت على أقبح أنواع الكفر والفسق ، سواء أعلمه بوقت موته أو لم يعلمه بذلك ، فلم يكن ذلك الاعلام موجبا إغراءه بالقبيح.
٦ ـ للشيطان دور في إغواء بعض الناس من طريق الوسوسة لهم ، والإغواء : إيقاع الغي في القلب ، والغي : هو الاعتقاد الباطل. ودل قوله تعالى : (فَبِما أَغْوَيْتَنِي) على أن الله تعالى أضلّ إبليس وخلق فيه الكفر ، لذا نسب الإغواء إلى الله تعالى ، وهو الحقيقة ومذهب أهل السنة ، فلا شيء في الوجود إلا وهو مخلوق له ، صادر عن إرادته تعالى.
٧ ـ المراد من قوله تعالى : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) : أن الشيطان يواظب على الإفساد مواظبة لا يفتر عنها. وتدل هذه الآية على أن إبليس كان عالما بالدين الحق ، والمنهج الصحيح ؛ لأن صراطك الله المستقيم هو دينه الحق.
٨ ـ محاولات إغواء الشياطين لا تقتصر على وجه واحد ، وإنما تأتي من كل أوجه الحياة ، فينبغي الحذر من الشيطان ، لذا ورد في الحديث الاستعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان من جهاته كلها ، كما روى الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعو : «اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي ، واحفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بك اللهم أن أغتال من تحتي» أي من الخسف.
٩ ـ دلت آية : (اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ ..) على أن التابع والمتبوع تملأ جهنم منهما ، وهذا يشمل الكافر والفاسق ، مما يدل قطعا على دخول الفاسق النار ، والمذكور في الآية أنه تعالى يملأ جهنم ممن تبعه ، وليس في الآية أن كل من تبعه يدخل جهنم. وتدل الآية أيضا على أن جميع أصحاب البدع والضلالات يدخلون جهنم ؛ لأنهم كلهم تابعون لإبليس.