الْأَرْضِ ، وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [الأنعام ٦ / ٥٩] فقوله : (وَما كُنَّا غائِبِينَ) يعني كنا شاهدين لأعمالهم.
وهذا دليل على أن السؤال ليس للاستعلام والاستفهام عن شيء مجهول عن الله تعالى ، بل للإخبار بما حدث منهم توبيخا وتقريعا على تقصيرهم وإهمالهم.
والمخبر به هو المحاسب عنه ، وهو الذي يعقبه الجزاء. ثم بيّن تعالى قانون الحساب والجزاء فقال : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ...).
أي وزن الأعمال للرسل وأقوامهم والتمييز بين راجحها وخفيفها يوم القيامة يكون على أساس من الحق والعدل التام ، فلا يظلم تعالى أحدا ، كقوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ، فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها ، وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) [الأنبياء ٢١ / ٤٧] وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها ، وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) [النساء ٤ / ٤٠].
فمن ثقلت موازينه ، أي رجحت موازين أعماله بالإيمان والحسنات على السيئات ، فأولئك هم الفائزون بالجنة ، الناجون من العذاب. والموازين جمع ميزان أو موزون ، أي فمن رجحت أعماله الموزونة التي لها وزن وقدر وهي الحسنات أو ما توزن به حسناتهم.
ومن خفت موازين أعماله بسبب كفره وكثرة سيئاته ، فأولئك الذين خسروا أنفسهم ، إذ حرموها السعادة والفوز بالنعيم الأبدي ، وصيروها إلى عذاب النار.
والفريق الأول وهم المؤمنون على تفاوت درجاتهم في الأعمال هم المفلحون ، وإن عذاب بعضهم بقدر ذنوبه ، والفريق الثاني وهم الكافرون على تفاوت دركاتهم هم الخاسرون حقا.