والظاهر : أن المراد بالعلم : المعرفة بما طلبوه لأجله من أمر الحرب ، ويجوز أن يكون عالما بالديانات وبغيرها ، فمقومات الملك وهي العلم والجسامة متوافرة فيه ، لأن الجاهل مزدرى غير منتفع به ، والجسيم أعظم في النفوس وأهيب في القلوب.
المناسبة :
قال البقاعي : ولعل ختام بني إسرائيل بهذه القصة ، لما فيها للنبي صلىاللهعليهوسلم من واضح الدلالة على صحة رسالته ، لأنها مما لا يعلمه إلا القليل من حذاق علماء بني إسرائيل (١).
وبعد أن بيّن الله تعالى في الآيات السابقة حكمة تشريع القتال لحماية الحق وصون عزة الأمة وكرامتها ، بيّن هنا قصة قوم من بني إسرائيل أخرجوا من ديارهم وأبنائهم بالقهر ، كما خرج أصحاب القصة الأولى بالجبن ، لكن جاءت هذه القصة مفصلة تبين ما في القصة الأولى المجملة.
والهدف من هذه الآيات البيان للمؤمنين بأن القتال كان مطلوبا مشروعا في الأمم السابقة ، فليس حكما مخصوصا بهم (٢).
التفسير والبيان :
ألم ينته إلى علمك قصص جماعة من بني إسرائيل بعد موسى في عصر داود عليهماالسلام ، حين قالوا لنبيهم ، قيل : إنه «صمويل» : اختر لنا قائدا للحرب وجمع الكلمة ، فإنا صممنا على طرد أعدائنا واسترداد حقوقنا المغتصبة ، ولا شك أن طرد العدو من البلاد قتال في سبيل الله ، كما قال الله تعالى : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) [النساء ٤ / ٨٤] وقال سبحانه : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ : تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا ..) [آل عمران ٣ / ١٦٧].
__________________
(١) محاسن التأويل للقاسمي : ٣ / ٦٥٠
(٢) البحر المحيط : ٢ / ٢٥٣