مباحة ، ويكون معنى «غير باغ ولا عاد» هو البغي والعدوان على الإمام ، أي الخارج على المسلمين وقاطع الطريق.
ويأكل المضطر في رأي الجمهور على قدر سد الرمق ، لأن الإباحة ضرورة فتقدر بقدر الضرورة. ومن حالات الضرورة : إساغة اللقمة بخمر ، وتناولها لدفع العطش.
والمضطر في رأي الجمهور : هو من ألجأه الجوع إلى الأكل ، وأضيف إليه عند بعضهم : من أكره على أكل الحرام ، كالرجل يأخذه العدو ، فيكرهونه على أكل لحم الخنزير وغيره من معصية الله تعالى.
ولم يجز جمهور العلماء التداوي بالحرام كالخمر والميتة ، لقوله عليه الصلاة والسلام ـ فيما رواه البخاري عن ابن مسعود ـ : «إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرّم عليهم» ولقوله عليهالسلام فيما رواه مسلم لطارق بن سويد وقد سأله عن الخمر ، فنهاه ، أو كره أن يصنعها ، فقال : إنما أصنعها للدواء؟ فقال : «إنه ليس بدواء ولكنه داء» قال ابن العربي : الصحيح أنه لا يتداوى بالميتة ، لوجود عوض حلال عنها.
وللعلماء رأيان فيمن اقترن بضرورته معصية ، بقطع طريق وإخافة سبيل ، فقال مالك ، والشافعي وأحمد : يحرم عليه إن كان السفر لمعصية ، لأجل معصيته ، لأن الله سبحانه أباح ذلك عونا ، والعاصي لا يحل أن يعان ، فإن أراد الأكل فليتب وليأكل. أما من عصى أثناء السفر ، فتباح له الرخص الشرعية ، وأباحها له أبو حنيفة مسويا في استباحته بين طاعته ومعصيته. ورجح القرطبي هذا القول ، لأن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه ، لقوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [النساء ٤ / ٢٩] وهذا عام ، ولعله يتوب في ثاني حال ، فتمحو التوبة عنه ما كان.