الأقوال ممن تقدمهم ووقعت بأيديهم مصنفاتهم ـ ولا سيما من تصدى منهم لضبط الأقوال والخلاف في المسائل ـ لو اطلعوا على ما خالف هذا القول الذي اتفقت كلمتهم عليه لنقوله ، كما هي العادة الجارية والطريقة المستمرة في نقل الأقوال والتنبيه على الخلاف والوفاق في كل مسألة.
واما ما طول به بعض من مال الى هذا الاحتمال ممن قدمنا الإشارة إليه ـ من نقل أخبار أخر زعم دلالتها عليه ـ فليس فيه إلا تكثير السواد وإضاعة المداد ، وليس في التعرض لنقله ورده كثير فائدة.
واما من أطلق من أصحابنا الرجوع الى الميقات فالظاهر ان مراده ميقات أهل تلك البلاد ، فإنه المتبادر واللام فيه للعهد ، ولا سيما ان هؤلاء الذين قدمنا نقل الإطلاق عنهم في بعض كتبهم قد صرحوا بالتخصيص في الكتب الأخر ، وهي قرينة واضحة في حمل إطلاقهم في تلك الكتب على ما خصصوه في الكتب الأخر.
وربما استدل لهم بان كل واحد من المواقيت ميقات لمن اتى عليه بالنص الصحيح والإجماع ، وعند وصول المجاور الى الميقات يصدق عليه انه اتى عليه فيكون ميقاتا له بالعموم.
وبما رواه الكليني عن حريز عن من أخبره عن ابي جعفر (عليهالسلام) (١) قال : «من دخل مكة بحجة عن غيره ثم أقام سنة فهو مكي ، فإذا أراد ان يحج عن نفسه أو أراد ان يعتمر بعد ما انصرف من عرفة فليس له ان يحرم بمكة ولكن يخرج الى الوقت ، وكلما حول رجع الى الوقت».
أقول : لا يخفى عليك ما في هذين الدليلين العليلين من الضعف والقصور
اما الأول فلان محل البحث في المسألة ومطرح النزاع ان المجاور بمكة
__________________
(١) الوسائل الباب ٩ من أقسام الحج.