ثم انه لا يخفى ان كلام الأصحاب هنا لا يخلو من اختلاف ، فان منهم من أطلق القرب كالشهيد في الدروس ، والمحقق في الشرائع ، والعلامة في الإرشاد والتذكرة ، ومنهم من أطلق القرب واستدل ببعض الأخبار المتقدمة ، وهو ظاهر في كون مراده القرب إلى مكة ، ومنهم من اعتبر القرب إلى مكة ، ومنهم من اعتبر القرب الى عرفات ، وبه صرح الشهيد في اللمعة ونقله في المدارك عن المحقق في المعتبر ايضا ، ولم أجده فيه ، بل الظاهر من كلامه انما هو القرب إلى مكة فإنه وان أطلق في صدر كلامه لكنه استدل ببعض الأخبار المتقدمة المصرحة بالقرب إلى مكة. نعم عبارة شيخنا الشهيد في اللمعة صريحة في ذلك ، حيث قال : ويشترط في حج الإفراد النية ، وإحرامه به من الميقات أو من دويرة اهله ان كانت أقرب الى عرفات. والاخبار المتقدمة صريحة في دفعه كما عرفت.
الخامسة ـ قد صرح جملة من الأصحاب بان من حج على طريق لا يفضى الى أحد المواقيت المتقدمة فإنه يحرم إذا غلب على ظنه محاذاة أقرب المواقيت إلى مكة. وصرح آخرون بأنه يحرم عند محاذاة أحد المواقيت. وهو ظاهر في التخيير بين الإحرام من محاذاة أيها شاء. وظاهر العلامة في المنتهى اعتبار الميقات الذي هو أقرب الى طريقه. ثم قال : والاولى ان يكون إحرامه بحذو الأبعد من المواقيت من مكة ، وحكم بأنه إذا كان بين ميقاتين متساويين في القرب اليه تخير في الإحرام من أيهما شاء. ونحو ذلك في التذكرة أيضا.
وكيف كان فاعلم اني لم أقف في هذه المسألة إلا على صحيحة عبد الله بن سنان المشار إليها آنفا عن ابى عبد الله (عليهالسلام) (١) قال : «من اقام بالمدينة شهرا وهو يريد الحج ، ثم بدا له ان يخرج في غير طريق أهل المدينة التي يأخذونه
__________________
(١) الوسائل الباب ٧ من المواقيت.