المروي عنه هذا الحكم من تعدد الاحتمال وان استظهر كونه ابن رئاب إلا انه غير متعين ولا متيقن ، فكيف يعتمدها ويعدها في الحسن مع ما علم من تصلبه في هذا الاصطلاح؟ ما هذه إلا مجازفة ظاهرة.
واما ثالثا ـ فإن رواية على هذه لم يروها إلا الشيخ في التهذيب ، ورواية أبي بصير قد رواها المشايخ الثلاثة بأسانيدهم الصحيحة الى ابي بصير ، وفي رواية الصدوق : «انما خالفه الى الفضل والخير» وهو في إحدى روايتي الشيخ ايضا. ولا يخفى ان تكررها في الأصول من أقوى المرجحات لها. على ان عد حديث ابي بصير ب «يحيى بن القاسم» في الضعيف ـ كما هو المشهور بينهم ـ محل بحث ليس هذا محله ، والمستفاد من تتبع الاخبار جلالة الرجل المذكور عند الأئمة (عليهمالسلام) ولهذا ان الفاضل الخراساني يعد حديثه في الصحيح حيثما ذكره.
وبالجملة فإن الظاهر هو العمل برواية أبي بصير ، وحمل خبر علي ـ على ما ذكره الشيخ بعد طعنه فيه أولا بالقطع ـ على ما إذا كان المعطى من سكان الحرم. وجوز في الاستبصار حمله على التخيير ايضا. ويرده قوله عليهالسلام : «ليس له» ومقتضى التعليل في الرواية المذكورة وقوله : «انما خالفه الى الفضل» اختصاص الحكم بما إذا كان المستأجر مخيرا بين الأنواع ، كما قدمنا ذكره.
قال في المدارك : ومتى جاز العدول استحق الأجير تمام الأجرة ، ومع عدمه يقع الفعل عن المنوب عنه ولا يستحق الأجير شيئا. وقد صرح بذلك جماعة : منهم ـ المصنف في المعتبر فقال : والذي يناسب مذهبنا ان المستأجر إذا لم يعلم منه التخيير وعلم منه ارادة التعيين يكون الأجير متبرعا بفعل ذلك النوع ويكون للمنوب عنه بنية النائب ولا يستحق اجرا ، كما لو عمل في ماله عملا بغير إذنه. اما في الحال التي يعلم ان قصد المستأجر تحصيل الأجر لا حجا معينا فإنه يستحق الأجر ، لأنه معلوم من قصده فكان كالمنطوق. انتهى.