يحج عنه؟ قال : يحج عنه من أقرب المواضع ويجعل ما بقي في الزكاة».
وظاهر الخبرين المذكورين بل صريحهما انه يجب أولا الحج عنه من أقرب الأماكن ثم يصرف الباقي في الزكاة كائنا ما كان ، وانه لا تحاص بينهما.
ولا يخفى ما في ذلك من الدلالة على بطلان ما ذكروه من التفصيل.
وبيان ذلك من وجوه : منها ـ انهم اعتبروا توزيع التركة بالحصص كما في الديون المجتمعة ، وجعلوا حصة الحج اجرة المثل ، والنص (١) يدل على وجوب البدأة بالحج وانه لا يصرف في الزكاة شيء إلا بعد الحج ، فيصرف فيها ما فضل.
ومنها ـ ان ظاهرهم ان اجرة المثل باعتبار الميقات ، والنص (٢) يدل على انه من أقرب الأماكن ، والمراد مكة بالتقريب الذي أوضحناه آنفا.
ومنها ـ ان ظاهر النص (٣) تقديم الحج مطلقا تمتعا كان فرضه أو غيره.
ومنها ـ قوله : «ثم ان قامت حصة الحج من التوزيع. الى آخره» فان ظاهر النص (٤) انه لا توزيع بل يقدم الحج أولا ويصرف الفاضل في الزكاة.
ومن ذلك ايضا يظهر بطلان قوله : «ويحتمل قويا سقوط الفرض مع القصور» وقوله : «لو قصر نصيب الحج عن أحد الأمرين».
وبالجملة فإن جميع هذه الأحكام وقعت تفريعا على وجوب التوزيع بالحصص كما في سائر الديون ، والنص (٥) ، قد دل على وجوب تقديم الحج ـ كما عرفت ـ واختصاص الفاضل بالزكاة.
ولا ريب انهم بنوا في هذه المسألة على مسألة تزاحم الديون وان الحكم فيها التوزيع بالحصص والحج دين ، والنص (٦) ظاهر في إخراج دين الحج من
__________________
(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦) وهما خبرا معاوية بن عمار المذكوران.