الواو ، ويفعل بإسقاطها.
وقالوا : وحر صدره على يحر ، ووغر يغر ، وقالوا : يوغر ويوحر ، فأثبتوا الواو في يفعل ، وأسقطوها في يفعل. فوضح بذلك أن سقوط الواو في يعد ويزن من أجل وقوعها بين ياء وكسرة لا من أجل التعدي. فإن قال قائل : فإذا كان سقوط الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ، فلم أسقطوها من يهب ويضع ويطأ ويقع؟
قيل : الأصل في ذلك يفعل ، وكان يوهب ويوضع ويوطيء ويوقع ، ووطيء يوطيء منه على فعل يفعل ، نحو : حسب يحسب ، وفي المعتل : وثق يثق ، فسقطت الواو منه لوقوعها بين ياء وكسرة ، فصار يهب ويطيء ويضع ويقع ، ثم فتح من أجل حرف الحلق ، كما قالوا : صنع يصنع ، وقرأ يقرأ من أجل حرف الحلق ، وما لم يكن فيه حرف الحلق في موضع عينه أو لامه لم نجز فيه ذلك.
فإن قال قائل : إذا قلتم إن الواو تسقط لوقوعها بين ياء وكسرة استثقالا لذلك فهلا أسقطتموها لوقوعها بين ياء وضمة استثقالا لذلك ، وهي أثقل في قولك : وضؤ يوضؤ ، ووسم يوسم إذا صار وسيما ، ووقح الحافر يوقح؟
قيل له : إنما أتموا هذا الباب لأنه لزم طريقا واحدا لا يمكن فيه التغيّر في وزنه ، فلما ألزموه ذلك ألزموا التمام فيه ، وهو أن باب وعد ووزن هو على فعل ، وفعل يجيء مستقبله على يفعل ويفعل ، فاقتصروا على يفعل منه لما ذكرنا من العلة ، فكان اقتصارهم على يفعل تغيّرا لما يوجبه القياس في مستقبل فعل ، فحملهم التغيير في ذلك على أن حذفوا الواو أيضا ، وهو تغيير أيضا آخر لما فيه من الاستثقال ، فكأنهم أتبعوا التغيير التغيير ، وهذا التغيير يسلكه سيبويه كثيرا.
وأما قولهم : وسم يوسم فإنه على فعل ، ويلزم مستقبل فعل يفعل ، فلما لم يغيّر مستقبله الذي هو واجب في الصحيح في مثل : ظرف وكرم لم تحذف الواو منه ؛ لأن الأصل هو يفعل فيه ، وإن ثبتت الواو ، فلما لم يغيّر أحدهما لم يغيّر الآخر. ومما يقوي ذلك أن فعل لا يأتي مستقبله إذا كان في موضع عينه أو لامه حرف من حروف الحلق فيجعل على يفعل ، كما يجعل ما كان ماضيه على فعل.
فإن قال قائل : فقد تقع الواو بين ياء وكسرة في مثل يوقن ويوصل فهلا حذفت؟
فالجواب فيه نحو ما ذكرنا أن مستقبل أفعل لا يتغير عن يفعل ، كما أن مستقبل فعل لا يتغير عن يفعل ، ومع ذلك فإن الواو الساكنة إذا كان قبلها ضمة كالإشباع للضمة ، والاستثقال لها أقل.