مشتق" كجلاس" ، وليس شيئا قد غلب عليه عندهم التأنيث كسعاد ، وزينب ولكنه مشتق يحمله المذكر ، ولا ينصرف في المؤنث كهجر ، وواسط.
ألا ترى أن العرب قد كفتك ذلك لما جعلوا واسطا للمذكر صرفوه ، فلو علموا أنه شيء للمؤنث ك" عناق" لم يصرفوه ، أو كان اسما غلب عليه التأنيث لم يصرفوه ، ولكنه اسم" كغراب" ، ينصرف في المذكر ولا ينصرف في المؤنث ، فإذا سميت به الرجل فهو بمنزلة المكان.
قال أبو سعيد : قد قدمت أن الاسم المؤنث الذي إذا سمي به الرجل لم ينصرف مما ليس فيه علم التأنيث على ضربين ؛ أحدهما : أن يكون اسما معروفا مؤنثا قبل التسمية ك (عناق) و (عقرب).
والآخر : أن يكون اسما اشتق لتسمية المؤنث المعرفة فقط ، ولم يكن قبل ذلك اسما لشيء جاز أن يشتقوه للمذكر. فما اشتقوه للمذكر (قباء) و (حراء).
والدليل على أنه اشتق للمذكر أنهم قد يصرفونه ، ولو كان للمؤنث لم يصرفوه بحال ؛ لأنه على أكثر من ثلاثة أحرف.
فمن صرف (حراء) و (قباء) فلأنه اسم مذكر سمي به شيء مذكر ، مكان ، أو موضع أو ما أشبه ذلك من تقدير التذكير ، فصار بمنزلة رجل يسمى ب (جعفر) أو (واقد) أو (نافع) وما أشبه ذلك.
ومن لم يصرف فإن الاسم مذكر والمسمى مؤنث كأنه اسم بقعة ، فصار بمنزلة امرأة سميناها ب (نافع) أو (جعفر) فلا يصرف لتأنيث المسمى لا لأن اللفظ كان مؤنثا.
ومن أجل ذلك إذا سمينا رجل ب (قباء) أو (حراء) صرفناه ؛ لأن اللفظ مذكر والمسمى به مذكر وإذا سمينا رجلا ب (لسان) على لغة من يقول : هي اللسان لم تصرفه ؛ لأنها بمنزلة (عناق) وإن سمي ب (اللسان) على لغة من يقول : هو اللسان صرفه والتأنيث ، والتذكير في اللسان ـ وإن لم يكن فيه علم التأنيث في اللفظ ـ بمنزلة شيء واحد يسمى بلفظين أحدهما فيه علم التأنيث والآخر لا علم فيه.
كقولهم : اللذاذ ، واللذاذة ومعناهما واحد وأحد اللفظين مذكر والآخر مؤنث ، فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.