( أنْ تَهَبَ لِي في
هِذهِ الليلةِ وفِي هذهِ الساعَةِ )
ظاهر الليلة والساعة
: لعلّها ليلة الجمعة ، وساعتها التي تلا فيها هذا الدعاء الشريف ، ومن المأثور تأكيد استحباب تلاوته في ليالي الجمعات.
وباطنها وتأويلها : هذا
العالم برمّته وجملته ، بل جميع العوالم في السلسلة النزولية ؛ لأنَّ هذا العالم مختتم نوره تعالىٰ ، ولهذا أطلق الله
تعالىٰ علىٰ كلّ عالم من العوالم في السلسلة الصعودية اسم « اليوم » عليه ، كما قال تعالىٰ
لموسىٰ عليهالسلام : ( وَذَكِّرْهُم
بِأَيَّامِ اللَّـهِ ) ، وقال : ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ
يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ) . وقال في مقام آخر : ( فِي يَوْمٍ كَانَ
مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) .
والمراد : اليوم
الملكوتي ، واليوم الجبروتي ، واليوم اللاهوتي وهو يوم القيامة والطامة الكبرىٰ.
وسرّ تسمية العوالم
في السلسلة النزولية بالليالي ، وفي السلسلة الصعودية بالأيام ، هو أنَّ اليوم عبارة عن بروز النور وظهوره وشدّته ، والليل عبارة عن
الظلمة والغسق وضعف النور وقلّته.
فإذا صدر الأمر ونزل
من المبدأ إلىٰ هذا العالم ، كأنّه بَعُدَ متدرّجاً عن مطلع شمس الحقيقة وأدبر عنه ، فحين الوصول إلىٰ كلّ عالم كان ذلك العالم ليلاً
بالنسبة إليه ؛ إذ النور ضعيف بالإضافة إلىٰ عالم الفوق ، إلىٰ أن يصل الأمر
إلىٰ عالم المادّة ، يعني عالمنا هذا ، وهذا العالم لمّا كان عالم الظلمة والهيولىٰ ، وكان قسطه
من مطلق الكمال والنور قوة الكمال والنور ، كان في غاية الانظلام والانعدام بالقياس
إلىٰ العوالم الطولية ، فكان ليلاً مظلماً ، ولهذا قال المولوي رحمهالله :
_____________________________