بحيث اتّحد بأحد معاني العرش وانطبق عليه يصير عرش الله.
وفي الخبر أيضاً : ( قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن ، يقلّبه كيف يشاء ) (١).
وإنّما قلنا : المؤمن الموصوف بكذا صار قلبه كذا ، إذ للإيمان مراتب أربعة : من الايمان التقليدي ، والإيمان البرهاني ، والعياني ، والتحقّقي الذي هو حقّ الإيمان حقيقته ، وأخير درجاته ونهاية مقاماته.
قال سلطان الحكماء : « اعلم أنَّ مراتب المعرفة مثل مراتب النار مثلاً ، وأنّ أدناها مَن سمع أنّ في الوجود شيئاً يعدم كلّ شيء يلاقيه ، ويظهر أثره في كلّ شيء يحاذيه ، ويسمّىٰ ذلك الموجود ناراً. ونظير هذه المرتبة في معرفة الله تعالىٰ معرفة المقلّدين الذين صدّقوا من غير وقوف علىٰ الحجج والبراهين.
وأعلىٰ منها مرتبة ، من وصل إليه دخان النار ، وعلم أنّه لابدّ له من مؤثر ، فحكم بذات لها أثر هو الدخان. ونظير هذه المرتبة في معرفة الله معرفة أهل النظر والاستدلال الذين حكموا بالبراهين القاطعة علىٰ وجود الصانع.
وأعلىٰ منها مرتبة ، من أحسّ بحرارة النار بسبب مجاورتها ، وشاهد الموجودات بنورها ، وانتفع بذلك الأثر. ونظير هذه المرتبة في معرفة الله تعالىٰ معرفة المؤمنين المخلصين الذين اطمأنت قلوبهم بالله ، وتيقّنوا أنّ الله نور السماوات والأرض كما وصف به نفسه.
وأعلىٰ منها مرتبة ، من احترق بالنار بكلّيته وتلاشىٰ فيها بجملته. ونظير هذه المرتبة في معرفة الله تعالىٰ معرفة أهل الشهود والفناء في الله ، وهي الدرجة العليا
_____________________________
(١) « سنن ابن ماجة » ج ١ ، ص ٧٢ ، ح ١٩٩ ؛ « بحار الأنوار » ج ٦٧ ، ص ٣٩ ـ ٤٠.