فالفعل المطلوب إن كان مع المنع من الترك فهو الواجب ، أو مع جواز الترك ولكن علىٰ المرجوحية فهو المندوب ، أو علىٰ الراجحية وهو المكروه ، أو علىٰ المساواة وهو المباح.
والترك المطلوب إن كان مع المنع من الفعل فهو الحرام.
ومعنىٰ قولنا : أنَّ المراد بالحكم : الحكم الشرعي ، ليس أنّه لا يكون عقلياً ، بل الشرع كاشف عن أحكام العقل ، كما هو قاعدة التحسين والتقبيح العقليين ؛ لأنّه قد اختلف في حسن الأشياء وقبحها أنّهما عقليان أو شرعيان ؟
فذهب جمهور الإمامية والحكماء وجمهور المعتزلة إلیٰ الأول (١).
وجمهور الأشاعرة إلىٰ الثاني (٢).
والمراد بحسن الفعل : أن يستحق فاعله المدح ، وبقبحه أن يستحق فاعله الذم.
والمراد بالعقلية : أنه يمكن أن يعلم الممدوحية النفس الأمريّة أو المذموميّة النفس الأمرية ، وإن لم يرد أمر ونهي فيها من الشرع ؛ إمّا تفصيلاً ، وإمّا اجمالاً بأن يعلم أنّه لو لم يكن في الفعل المأمور به جهة حسن لما أمر به ، ولو لم يكن في المنهي عنه جهة قبح لما نهىٰ عنه ، وإن لم يعلمهما بخصوصهما.
والمراد بشرعيتهما خلاف ذلك ، فإنَّ الأشاعرة (٣) ـ مثلاً ـ يقولون : لا حسن وقبح في المأمور والمنهي في نفس الأمر ، بل الحسن والقبح بمجرّد الأمر والنهي. ويقولون : ما أمر به في وقتٍ جاز أن ينهىٰ عنه في ذلك الوقت ، وما نهیٰ عنه في وقت جاز أن يأمر به في ذلك الوقت.
والقائلون بالعقلية يقولون : لا يجوز إلّا في وقتين ؛ للمصلحة والمفسدة ، كما في
_____________________________
(١) انظر « كشف المراد » ص ٥٩. |
(٢) انظر « كشف المراد » ص ٥٧. |
(٣) انظر « كشف المراد » ص ٥٧.