أحدها : أنّ الجرّ أصل ينفرد به الاسم والرفع يشترك فيه القبيلان فكان حمل النصب على المختصّ أولى.
والثاني : أنّ الجرّ أقلّ في الكلام من الرفع والحمل على الأقلّ أخفّ.
والثالث : أنّ المنصوب والمجرور فضلتان في الكلام وحمل الفضلة على الفضلة أشبه.
والرابع : أنّهم سوّوا بين ضمير المنصوب والمجرور نحو : (إنّك) و (بك) و (إنّه) و (له) فكان في الظاهر كذلك.
الخامس : أنّ المجرور بحرف الجرّ حقّه النصب في الأصل فكأنّه المنصوب.
السادس : أن المجرور لمّا حمل على المنصوب فيما لا ينصرف عكس ذلك ههنا.
السابع : أنّ الجرّ بالياء وهي أخفّ من الواو والحمل على الأخفّ أولى.
والثامن : أنّ النصب من الحلق وهو أقرب إلى الياء إذ كانت من وسط الفم.
فصل : وأنّما فتح ما قبل ياء التثنية وكسر في الجمع لأربعة أوجه :
أحدها : أنّ الفتحة أخف والتثنية أكثر فجعل الأخف للأكثر تعديلا.
الثاني : أنّ الألف لمّا اختصت بالتثنية ولم يكن ما قبلها إلا مفتوحا حمل النصب والجرّ عليه طردا للباب ولم يمكن ذلك في الجمع.
والثالث : أنّ نون التثنية مكسورة لما نبينّه فكان فتح ما قبل الياء تعديلا.
الرابع : أن حرف التثنية يدلّ على معنى في الكلمة ففتح ما قبله كحرف التأنيث.
فصل : والأسماء المثنّاة والمجموعة معربة (١) ، وحكي عن الزجّاج أنّها مبنيّة وكلامة في المعاني يخالف هذا والدليل على أنّها معربة وجود حدّ المعرب ، وهو اختلاف آخرها لاختلاف
__________________
. ـ وكذلك إعراب الجمع المذكّر السّالم بالواو المضموم ما قبلها لفظا نحو «أتى الخالدون» أو تقديرا نحو : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) وينصب ويجر بالياء المكسور ما قبلها لفظا نحو : «رأيت الخالدين» و «نظرت إلى الخالدين» ، أو تقديرا نحو «رأيت المصطفين» و (إِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ) (الآية «٤٧» من سورة ص).
(١) تعددت علامات الاسم ، لأن الأسماء متعددة الأنواع ؛ فما يصلح علامة لبعض منها ، لا يصلح لبعض آخر ، كالجر ، فإنه لا يصلح علامة لضمائر الرفع ، كالتاء ـ ولا يصلح لبعض الظروف ؛ مثل : قطّ : وعوض. وكالتنوين ؛ فإنه يصلح لكثير من الأسماء المعربة المنصرفة ، ولا يصلح لكثير من المبنيات. وكالنداء فإنه يصلح ـ