باب الجمع
الجمع الذي هو نظير التثنية يسمّى : (جمع السلامة) و (جمع التصحيح) (١) ؛ لأنه صحّ فيه لفظ الواحد بعينه ، وجمعا على حدّ التثنية ، وجمعا على هجائين. وحدّه ما سلم فيه نظم الواحد وبناؤه.
فأمّا : (بنون) فقال عبد القاهر رحمهالله : ليس بسالم لسقوط الهمزة منه ، وقال غيره : هو سالم ، وإنّما سقطت الهمزة إذ كانت زائدة توصّلا إلى النطق بالساكن ، وقد استغني عنها.
وأمّا : (أرضون) فحرّكت راؤها لما نبيّه من بعد.
فإن قلت : ف (صنوان) جمع : (صنو) ، وقد سلم فيه لفظ الواحد ، وليس بجمع صحيح؟
قيل : سلامته أمر اتّفاقي ، وإنّما هو مكسّر على (فعلان) ، والتحقيق : أنّ الكسرة في أوّله وسكون ثانية في الجمع غيرهما في الواحد ؛ لأن هذا الجمع قد يكون واحدة على غير زنة :
(فعل) نحو : غراب وغربان وقضيب وقضبان.
فصل : وإنّما اختصّ هذا الجمع بالأعلام لكثرتها فيمن يعقل واختصّ بالمذكّر منها ؛ لأن مسماه أفضل المسميّات ، وجمع السلامة لمّا صين عن التغيير كان ذلك فضيلة له.
ومطابقه اللفظ للمعنى مستحسنة ، فأمّا صفات من يعقل فجمعت جمع السلامة لوجهين :
أحدهما : أنّها جارية على أفعالها فكما تقول : (يسلمون) تقول : (مسلمون).
والثاني : أنّ هذه الصفات لّما اختصّت بالعقلاء خصّت بأفضل الجموع ، وأمّا قوله تعالى : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) [يوسف : ٤] فإنّه لمّا وصفها بالسجود الذي هو من صفات من يعقل أجراها مجرى من يعقل ، وكذلك قوله : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١] ، وإنّما ثنّيّ : (قالَتا) وجمع : (طائِعِينَ) لثلاثة أوجه :
__________________
(١) وينقسم هذا الجمع إلى جمع المذكر السالم وجمع المؤنث السالم ، حكم هذا الجمع أنه يرفع بالواو نيابة عن الضمة ويجر وينصب بالياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها نيابة عن الكسرة والفتحة ، تقول جاء الزّيدون والمسلمون ومررت بالزّيدين والمسلمين ورأيت الزّيدين والمسلمين.