فصل في إبدال الهمزة
وقد أبدلت الهمزة من خمسة أحرف من الألف والواو والياء والهاء والعين إبدالها من الألف.
مسألة : إذا وقعت ألف التأنيث بعد ألف المدّ قلبت همزة البتة كقولك : صحراء وحمراء ؛ لأن الألفين التقتا ومحال اجتماعهما وحذف الأولى وتحريكها يخلّ انقلبت المدّ وحذف ألف التأنيث يخلّ بالتأنيث فتعين تحريكها ، وإذا حرّكت انقلبت همزة لقرب مخرج الهمزة منها ولا يقال إنّ الهمزة علامة للتأنيث في الأصل ؛ لأنها لو كانت كذلك لجاءت للتأنيث من غير علّة توجب التغيير كما جاءت الألف والياء.
مسألة : إذا وقعت الألف قبل الحرف المشدّد نحو دابّة وابياضّ فمن العرب من يبدلها همزة ، وقد قاس ذلك النحويون ، ومنهم من لم يقسه ، وقال المبرّد للمازنيّ : أتقيسه؟ قال : لا ، ولا أقبله ومعنى ذلك أنّه يستعفه لا أنّه يردّ الرواية به ؛ لأنها صحيحة فاشية وعلّة القلب ؛ لأن الألف ساكنة وبعدها حرف ساكن فحرّكت الألف كراهية لاجتماع الساكنين وانقلبت همزة لما تقدّم وإنّما ضعف هذا في القياس وقلّ في السّماع أنّ الألف لامتداد صوتها كأنّها متحرّكة فلا جمع إذن بين ساكنين.
مسألة : حكى سيبويه عن بعض العرب أنّه يقلب ألف التأنيث في الوقف همزة فيقول هذه حبلا فكأنّه أراد أن يقف على السّاكن المتحرك في الوصل فعدل إلى ما يتصوّر فيه ذلك وهي الهمزة لقربها منها وحصل بذلك الفرق بين الوقف والوصل وكذلك أبدل من ألف التنوين همزة كقولك : رأيت رجلا وكذلك في قولك : هو يضربها فإذا وصل أعاده إلى الأصل.
مسألة : في قول الراجز :
من أيّ يوميك من الموت تفر |
|
أيوم لم يقدر أم يوم قدر |
بفتح الراء ، ففيه للنّحويين ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّه حرّك السّاكن للضّرورة.
والثاني : أنّه أراد النون الخفيفة فأبدل منها ألفا ثم حذفها للوصل وهذا ضعيف ؛ لأن ذلك يكون لأجل الساكن بعدها.