باب الهمز
اعلم أنّ الهمزة نبرة تخرج من أقصى الحلق يشبه صوتها التهوّع ومن هنا شقّ النطق بها والنطق بحروف الحلق أخفّ من النّطق بها واشقّ من النطق بحروف الفم والشفتين ؛ ولهذا السبب جوّزت العرب في الهمزة ضروبا من التخفيف وهو التخفيف القياسيّ والإبدال على غير قياس والحذف ، واعلم أنّ الهمزة حرف صحيح يثبت في الجزم نحو : لم يخطئ ولم يقرأ.
فصل : ولا تخلو الهمزة من أن تكون مفردة أو تلقاها همزة أخرى ، فإن كانت مفردة أولا جاز تخفيفها ، وقد أبدلت في مواضع ذكرناها في باب الإبدال فأمّا جعلها وهي أوّل بين بين فلا يجوز ؛ لأن ذلك تقريب لها من الألف والألف لا يبتدأ بها.
فصل : فإن وقعت حشوا ساكنة جاز تخفيفها على الأصل وتخفيفها بأن تبدل حرفا مجانسا لحركة ما قبلها فتبدل بعد الفتحة ألفا نحو : راس وباس ، وبعد الكسرة ياء نحو : الذّيب والبير وبعد الضمّة واوا نحو : بوس وموس.
فصل في الهمزة المتحركة : وهو على ضربين :
أحدهما : أن يسكّن ما قبلها.
والثاني : أن يتحرك.
والأول على ضربين :
أحدهما : أن يكون الساكن قبلها حرف مدّ وما جرى مجراه.
والثاني : غير حرف مدّ.
فحرف المدّ الواو الزائدة المضموم ما قبلها والياء الزائدة المكسور ما قبلها والهمزة بعدهما يجوز تخفيفها وتخفيفهما وبأن تبدل واوا بعد الواو ؛ لأنها تجانس ما قبلها وما قبل قبلها وهو الضمّة نحو مقروءة وقروء وتقول فيهما مقروّة وقروّ ، وإن وقعت بعد الياء قلبتها ياء للعلّة المتقدّمة تقول في نحو : خطيئة خطيّة ، وفي النسيء نسيّ وما جرى مجرى حرف المدّ ياء التصغير ؛ لأنها زائدة لا تتحرك وهي نظير ألف التكسير تقول في تصغير أفؤس جمع فاس أفيّس.
فصل : فإن وقعت الهمزة المتحرّكة بعد الألف جاز تخفيفها وتخفيفها هو أن تجعل بين بين ، ومعنى ذلك أنّها تليّن فتجعل بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها فتجعل المكسورة بين الياء