لأنه لا يحسن ههنا إلا الإضمار ، قال الخليل : وهذا يشبه قول من قال ، وهو الفرزدق :
فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتى |
|
ولكنّ زنجىّ عظيم المشافر |
وجوّز الخليل فى البيت أن يقال ولكن زنجيّا عظيم المشافر بالنّصب ، على أن يكون خبر لكن محذوفا وتقديره لا يعرف قرابتى ، وشبّه ذلك بحذف الخبر فى قوله عزوجل : (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) أى طاعة وقول معروف أمثل .. وأما قول الأعشى :
فى فتية كسيوف الهند قد علموا |
|
أن هالك كلّ من يحفى وينتعل |
فإن هذا على إضمار الهاء (١)». وكان يذهب إلى أن الحذف فى بيت الأخطل :
ولقد أبيت من الفتاة بمنزل |
|
فأبيت لا حرج ولا محروم |
ليس على إضمار أنا مع المرفوعين فى الشطر الثانى أى أنا لا حرج ولا محروم وإنما هو على سبيل الحكاية أى : فأبيت بمنزلة الذى يقال له لا حرج ولا محروم (٢). ومما خرّجه على الحكاية أيضا قولهم : «اضرب أيهم أفضل» بضم أى كأنهم قالوا : اضرب الذى يقال له أيهم أفضل (٣) ، وبذلك يكون المفعول به محذوفا. وكان يذهب إلى أن المضاف قد يحذف ويقوم المضاف إليه مقامه ، وجعل من ذلك قولهم : «له صوت صوت الحمار» فقد قال إن كلمة صوت الحمار صفة لصوت بتقدير «مثل» أى أنها حذفت وأقيم المضاف إليه مقامها ، وأصل التعبير «له صوت مثل صوت الحمار (٤)».
ومما يتصل بالعوامل والمعمولات كثرة تحليله للعبارات وكثرة تخريجه لها إذا اصطدمت بالقواعد وكثرة إدلائه بوجوه مختلفة من الإعراب فى لفظة واحدة ،
__________________
(١) الكتاب ١ / ٢٨١ وما بعدها.
(٢) الكتاب ١ / ٢٥٩ وواضح أنه جعل الجار والمجرور محذوفين هما وما يتبعهما.
(٣) الكتاب ١ / ٣٩٩.
(٤) الكتاب ١ / ١٨١.