توقف ابن عقيل إزاء كثير من هذه الآراء منحازا للبصريين وسيبويه ، من ذلك ذهاب ابن مالك إلى أن الأسماء الخمسة مثل «أبوك» معربة بالحروف ، بينما ذهب سيبويه إلى أنها معربة بحركات مقدرة على الواو والألف والياء ، وبرأيه أخذ ابن عقيل ناعتا له بأنه هو الصحيح (١). وكان ابن مالك يختار اتصال الضمير فى مثل كنته وخلتنيه ، واختار سيبويه الانفصال ، فتقول كنت إياه وخلتنى إياه ، ويقول ابن عقيل : «مذهب سيبويه أرجح لأنه هو الكثير فى لسان العرب على ما حكاه سيبويه عنهم» (٢). ويعرض لآراء النحاة فى رافع المبتدأ والخبر ، ويختار رأى سيبويه وجمهور البصريين وما ذهبوا إليه من أن المبتدأ مرفوع بالابتداء وأن الخبر مرفوع بالمبتدأ ، ويقول على هدى أستاذه أبى حيان : «وهذا الخلاف مما لا طائل فيه» (٣). ويذكر رأى ابن مالك فى أن عائد الصلة فى مثل «جاء الذى كلمت أمس» بدلا من كلمته ومثل «الذى أنا معطيك كتاب واحد» بدلا من معطيكه ، ولا يلبث أن يقول : «كلام المصنف يقتضى أنه كثير وليس كذلك بل الكثير حذفه من الفعل ، وأما الوصف فالحذف منه قليل» (٤). وعلى هذا النحو كثيرا ما يراجع ابن مالك. وكان كثيرا ما يقرن آراءه فى الألفية بآرائه فى التسهيل وغيره.
وممن نلقاه فى القرن الثامن الهجرى ابن الصائغ (٥) محمد بن عبد الرحمن المتوفى سنة ٧٧٦ للهجرة ، وقد ولى مدة قضاء العسكر وإفتاء دار العدل ، ودرس للطلاب بالجامع الطولونى وغيره ، وله فى النحو مصنفات مختلفة ، منها التذكرة فى عدة مجلدات وشرح على ألفية ابن مالك. ومما حكاه له السيوطى فى الهمع من آراء ذهابه إلى أنه يجوز خلو جملة الصلة من ضمير يعود على الموصول يربطها به إذا عطف عليها بالفاء جملة مشتملة عليه مثل «الذى يطير الذباب فيغصب زيد» لارتباطهما بالفاء وصيرورتهما جملة واحدة (٦). وكان يذهب فى جملة «أبو من هو» فى قولك «عرفت زيدا أبو من هو» إلى أنها بدل اشتمال
__________________
(١) شرح ابن عقيل فى الطبعة السالفة ١ / ٣٦.
(٢) شرح ابن عقيل ١ / ٥٨.
(٣) شرح ابن عقيل ١ / ٩١.
(٤) شرح ابن عقيل ١ / ٨٢.
(٥) انظر فى ترجمة ابن الصائغ الدرر الكامنة رقم ١٣٤٧ وبغية الوعاة ص ٦٥ وشذرات الذهب ٦ / ٢٤٨.
(٦) الهمع ١ / ٨٦.