أنه معك ، وأنت حينئذ تقرّ بطرح الاستفهام وحده ، وتجيب على مثل أليس معك كتاب ببلى أى أنه معك كتاب وكأنها خصّصت للرجوع عن الجحد ، ولو أنك قلت نعم فى هذه الحالة لكان معنى ذلك أنه ليس معك كتاب ، لأن نعم تفيد الإقرار فى الجواب بما بعد الاستفهام وبعده الجحود ، وهو عكس الجواب. وقد سمى لا النافية للجنس باسم التبرئة مرارا (١).
وكان يكثر من تسمية الجرّ باسم الخفض مقتديا بالفراء ، وكان يطلق الخفض أيضا على الكسر الذى يقع فى آخر الأفعال المجزومة عند ما تتحرك لالتقاء الساكنين فى مثل لم يذهب الرجل (٢). ودارت على لسانه كلمتا ما يجرى وما لا يجرى فى مقابل كلمتى مصروف وممنوع من الصرف (٣).
وتوسع فى اصطلاح الصفة الذى مر بنا عند الفراء فقد كان يطلقها على الظرف ، وكان يسميه الفراء المحل بينما كان يجعل الصفة خاصة بالجار والمجرور ، أما ثعلب فكان يطلقها عليهما ، يقول فى تعليقه على الآية الكريمة : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) «وقعت الصفة فى موضع الفعل» (٤) يريد وقع الجار والمجرور متقدما على الخبر ويقول : «وإذا أفردوا الصفة رفع (مثل) زيد خلف ، وزيد قدام ، وزيد فوق» (٥) وكلها ظروف.
وكان يسمى التمييز باسم التفسير (٦) ، وسمى البدل ترجمة ، يقول تعليقا على الآية الكريمة : (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ) : «يومئذ مرافع (خبر) فذلك ، ويوم عسير ترجمة يومئذ» (٧). وسمّى الصفة نعتا. (٨) ولعل فى هذا كله ما يصور مدى استخدامه للمصطلحات التى وضعها الفراء ، وإن كنا نلاحظ أنه لم يأخذ بوجهة نظره فى أن المضارع المنصوب بعد الواو والفاء وأو نصب بالصرف أو الخلاف ، فقد كان يذهب إلى أنها جميعا تنصب المضارع لدلالتها على شرط لأن معنى مثل «هلا تزورنى فأحدثك» : إن تزرنى أحدثك ، فلما نابت عن
__________________
(١) المجالس ص ١٥٨ ، ٤٢٢.
(٢) المجالس ص ٦٢١.
(٣) المجالس ص ١٥٥.
(٤) المجالس ص ٥٣٩.
(٥) المجالس ص ٨٠.
(٦) المجالس ص ٤٩٢.
(٧) المجالس ص ٢٥.
(٨) مجالس العلماء للزجاجى ص ١١٠.