أخرى يسكّنها ، إذا تحرك ما قبلها فيقول ضربته ضربا شديدا ، وكان ينبغى أن يحمل القراءة على هذه اللغة مباشرة دون تشكيك فيمن قرأوا بها وأنهم ربما توهموا خطأ أن الجزم على الهاء لا على ما قبلها (١). وقرأ القراء (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) برفع ثمود ونصبها ، ووجّه سيبويه النصب على أن أما أشبهت الفعل فثمود منصوبة بها ، أما الرفع فعلى أنها مبتدأ. ورد الفراء قراءة النصب قائلا : «وجه الكلام فى ثمود الرفع لأن أمّا تحسن فى الاسم ولا تكون فى الفعل» (٢). وكان حسبه أن يقول قراءة الرفع أفصح. ووقف بإزاء الآية الكريمة : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) وقال نصب الأرحام يريد واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، ثم ذكر قراءة إبراهيم النخعى لها ـ وكان يتابعه فى ذلك حمزة ـ بالجر عطفا على الضمير المجرور بدون إعادة الجار ، وقال : «فى ذلك قبح لأن العرب لا تردّ (لا تعطف) مخفوضا على مخفوض وقد كنى عنه (أى أضمر كالهاء فى به) .. وإنما يجوز هذا فى الشعر لضيقه» (٣). وقد حمل صاحب الإنصاف البصريين مسئولية تضعيف هذه القراءة (٤) ، مع أن الفراء ـ كما رأينا ـ هو أول من ضعّفها ، وتبعه فى ذلك المبرد (٥) ، فحمل ذلك النحاة على البصريين عامة. ومرّ بنا فى ترجمة الأخفش أنه كان يصحح هذه القراءة مستمدّا منها الحكم بجواز العطف على الضمير المخفوض بدون إعادة الخافض. وعرض الفرّاء لقراءة (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) بضم الباء ، وقال إن تكن فيه لغة مثل حذر بكسر الذال وحذر بضمها فهو وجه ، وإلا فإنه أراد قول الشاعر :
أبنى لبينى إن أمّكم |
|
أمة وإنّ أباكم عبد |
وهذا (أى تحريك الحرف المتوسط بالضم) فى الشعر يجوز لضرورة القوافى ، فأما فى القراءة فلا (٦). وأنكر قراءة ابن عامر مقرئ أهل الشام للآية الكريمة : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) بالفصل بين قتل
__________________
(١) انظر معانى القرآن ١ / ٢٢٣ وراجع ٢ / ٧٥.
(٢) معانى القرآن ١ / ٢٤١.
(٣) معانى القرآن ١ / ٢٥٢.
(٤) الإنصاف : المسألة رقم ٦٥.
(٥) ابن يعيش ٣ / ٧٨.
(٦) معانى القرآن ١ / ٣١٤.