إعراب الأسماء الخمسة ، إذ قال إن إعرابها إنما هو بالتغير والانقلاب من الواو إلى الألف والياء فى حالتى النصب والجر وبعدم هذا الانقلاب فى حالة الرفع (١). وسيبويه والجمهور على أن اسم لا النافية للجنس إذا كان مفردا ركّب معها وبنى على الفتح مثل لا رجل ، وذهب الجرمى إلى أنه معرب وحذف منه التنوين تخفيفا (٢). وكان يرى أن المفعول لأجله لا يكون إلا نكرة ، وإذا جاء مضافا كانت الإضافة على نية الانفصال فمثل ادخاره فى قول بعض الشعراء : «وأغفر عوراء الكريم ادّخاره» تقديرها ادخارا له (٣) ، وكذلك إذا جاءت معه أداة التعريف مثل قول أحد الشعراء : «لا أقعد الجبن عن الهيجاء» كانت زائدة أى جبنا (٤). وكان يذهب إلى أن الفاء العاطفة لا تفيد ترتيبا فى المطر والأماكن مستدلا على ذلك بقول امرئ القيس فى مطلع معلقته :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل (٥) |
وكان سيبويه يذهب إلى أن الفعل المضارع بعد أو ينتصب بأن مضمرة ، وذهب الجرمى إلى أنه ينتصب بأو نفسها (٦). وكذلك كان يمنع تقدير أن مع المضارع المنصوب بعد فاء السببية وواو المعية ، على نحو ما ذهب إلى ذلك سيبويه ، قائلا : إنهما تنصبان المضارع بأنفسهما دون حاجة إلى تقدير (٧). ولعل فى ذلك ما يدل على أنه كان يأبى التعقيد فى النحو وكثرة التقديرات ، ومما يؤكد ذلك عنده أنه كان يمنع التنازع فى الأفعال التى تتعدى إلى مفعولين أو ثلاثة ، ذاهبا إلى أنه ينبغى أن يقتصر فى الباب على السماع والقياس عليه دون الإتيان بصور معقدة لم يرد لها مثيل عن العرب (٨) ، فإن فى ذلك تكلفا وإيغالا فى تمرينات لا تفيد فى تعلم العربية ، وإن كان النحاة لم يستمعوا إلى رأيه فقد مضوا يطبقون الباب فى ظن وأخواتها وأعلم وأخواتها ، مما كان سببا فى أن يحمل عليهم ابن مضاء ، فى كتابه الرد على النحاة ، حملة شعواء.
__________________
(١) الهمع ١ / ٣٩.
(٢) الهمع ١ / ١٤٦.
(٣) أسرار العربية ص ١٨٨.
(٤) الهمع ١ / ١٩٤.
(٥) الهمع ٢ / ١٣١.
(٦) الهمع ٢ / ١٠.
(٧) الإنصاف ص ٢٢٩ ـ ٢٣٠.
(٨) الهمع ٢ / ١١١.