اقتحمت بهم الخندق ، وأدرك عليّ نوفل بن عبدالله بن المغيرة فضربه بالسيف وقطعه نصفين ، وكان مع عمرو ابنه حسل فقتله علي عليهالسلام.
وكرّ علي راجعا ، ولا تسلّ عن الفرحة الكبرى عند المسلمين ، ولا تسلّ عن الحقد الذي انطوت عليه جوانح المنافقين غيظا وحسدا، وإمتلئت قلوبهم حقدا وتحرّفا ، كيف فاز بها علي وأخفقوا ، وكيف وقف لها علي وتخاذلوا.
أقبل علي عليهالسلام ، وقد إحتز رأس عمرو فألقاه بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقام أبو بكر وعم فقبّلا رأس علي.
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حينئذ « لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبدود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي الى يوم القيامة ».
وما أراح عليّ نفسه ، بل رجع الى مقامه الأول ، ووقف بحيث الثغرة من الخندق ، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر ، وسارت الركبان بالنبأ ، واهتزت الصحراء بالمعركة ، وصدع الوحي :
( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) (١).
وبعث الله على المشركين الريح في ليال شاتية ، شديدة البرد والقرّ ، فجعلت تكفأ قدورهم ، وتطرح أبنيتهم ، وتزعزع أخبيتهم ، فاستبد بهم الفزع وتملكهم الذعر. فقال أبو سفيان : يا معشر قريش : ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخفّ ، فإرتحلوا فإني مرتحل ».
وعاد المشركون بالهزيمة الى مكة ، وعاد المسلمون بالنصر الى المدينة.
__________________
(١) سورة الأحزاب ، الآية : ٢٥.