هذا نموذج من لجاج زعيم الخوارج المقتول بالنهروان ، وأمثاله وأمثال ذلك كثير.
والجبهة الثالثة جبهة المنافقين والمتربصين الدائرين بالإمام عليهالسلام ممن اعتضدوا بعشائرهم ، واهتبلوا الفرص مع معاوية فكاتبهم سراً ، وأغدق عليهم بالمال وأغرقهم بالطرف ، فشايعوه خفية ، وعملوا لحسابه بإمعان ، ويمثلهم الأشعث بن قيس الكندي ، ويلتفّ حوله رعيل من المتمردين والوصوليين ممن لا ذمام لهم ، ولا أمل في صلاحهم ، فقد جبلوا على الإنتهازية ، ومردوا على النفاق ، وحليت الدنيا بأعينهم ، وراقهم زبرجها ، واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله العظيم.
هذه الجبهات الثلاث فيما أحسب ، قد التقت أهدافها في إرادة التخلص من أمير المؤمنين ، وأجمعت أمرها لتدبير قتله أو اغتياله ، وقد حدث هذا بالفعل ، وتم لهم ما أرادوا فرادى ومجتمعين ، وأمير المؤمنين بسبيل العودة إلى صفين ، يعدّ لها العدة ، ويهيئ لها ما استطاع من قوة.
ولم يكن أمير المؤمنين بمنأى عن أبعاد هذه المؤامرة ، ولا ببعيد عن إبرامها ، فقد لاحت أشراطها في الأفق القريب ، وهو موعود بالقتل اغتيالاً على يد شقيق عاقر ناقة صالح بما أخبره به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وطالما قال اثناء وضوئه مراراً : لتخضبن هذه من هذا ، مشيراً إلى كريمته ورأسه الشريف.
وقد ذهب إلى أبعد من هذا ، فكان ينشد في رمضان الذي قتل فيه هذه الأبيات :