به أجدر ، وإلى الحزم فيما الحزم به أنفع ، وإلى لين الجانب ، وخفض الجناح ، وبسط الوجه ، والمساواة بين الرعية حتى في النظرة واللحظة والإشارة والتحية ، لئلا يطمع قوي في حيفه ، ولا ييأس ضعيف من عدله ؛ ولا ينسى الإمام أن يمتدح العامل بما فيه من إقامته للدين ، وقمع الأثيم ، وسداد الثغر ، قال عليهالسلام :
« أما بعد فإنك ممن استظهر به على إقامة الدين ، وأقمع به نخوة الأثيم ، وأسدّ به لهاة الثغر المخوف.
فاستعن بالله على ما أهمك ، واخلط الشدة بضغث من اللين ، وارفق ما كان الرفق أرفق ، واعتزم بالشدة حين لا تغني عنك إلا الشدة.
واخفض للرعية جناحك ، وابسط لهم وجهك ، وألن لهم ، جانبك ، وآسي بينهم في اللحظة ، والنظرة ، والإشارة ، والتحية حتى لا يطمع العظماء في حيفك ، ولا ييئس الضعفاء من عدلك والسلام ».
وهكذا كان الإمام عليهالسلام يراقب عماله ، وينكر عليهم التقصير ، يعنّفهم حيث يجد العنف بهم أجدر ، ويحرضهم حيث يجد التحريض أجدى ، فمن كتاب له إلى كميل بن زياد النخعي عامله على هيت ، وقد اجتاز به العدو مغيراً ، أبان فيه ميزان الحزم والكفاية للوالي ، في حفض ما فيه يديه ، والسيطرة على مصره ، وعدم تكلف ما كفي ، واليقظة والحذر من الأعداء ، والحرص على هيبة السلطان ، وكسر شوكة العدو ، قال عليهالسلام :
« أما بعد : فإن تضييع المرء ما وُلّي ، وتكلفه ما كفي ، لعجز حاضر ، ورأي متبر ، وإن تعاطيك الغارة على أهل قرقيسيا ، وتعطيلك مسالحك التي وليناك ـ ليس لها من يمنعها ولا يردّ الجيش عنها ـ لرأي