عمرو بن العاص : اتق
الله يا عثمان ، فإنك قد ركبت أموراً وركبناها معك ، فتب إلى الله نتب ؛ فناداه
عثمان : وإنك ها هنا يا ابن النابغة ، قملَت والله جبتك منذ نزعتُكَ عن العمل.
ولم يكن عمرو بن العاص صاحب دين ، ولا
رجل ورع وتقوى ، ولكنه ذو مآراب واطماع ورجل فتنة ، وقد أورد أبو جعفر الطبري ما
يؤيد ذلك ؛ قال :
كان عمرو بن العاص شديد التحريض
والتأليب على عثمان ، وكان يقول : والله إن كنت لإلقى الراعي فأحرضه على عثمان ،
فضلاً عن الرؤساء والوجوه. فلما سُعّر الشر بالمدينة خرج إلى منزله بفلسطين ،
فبينا هو بقصره ومعه ابناه : عبد الله ومحمد ، إذ مر بهم راكب من المدينة فسألوه
عن عثمان ، فقال محصور ، فقال ابن العاص : أنا أبو عبد الله : قد يضرط العير
والمكواة في النار ، ثم مر بهم راكب آخر ، فسألوه عن عثمان ، فقال : قتل عثمان ،
فقال ابن العاص : أنا أبو عبد الله ، إذا نكأتُ قرحةً أدميتها.
وكان أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من المهاجرين والأنصار بمشهد وبمسمع من
الأحداث ، فلم تمتد لعثمان منهم يد مساعدة تذكر ، فما ذبوّا عنه ولا رفعوا كما
ينبغي لهم ، بل بقي الأكثر بين معارض كما رأيت ، وناقم كما شهدت ، ومتفرج على
الخطوب وهي تندلع كما يندلع اللهيب ، باستثناء جماعة من المهاجرين ينصحون حيناً
كالإمام علي عليهالسلام ، ويذبون
حيناً آخر كالحسن والحسين عليهماالسلام
وعبد الله بن الزبير ، ومحمد بن طلحة ؛ وقلة من الأنصار كزيد بن ثابت وكعب بن مالك
وحسان بن ثابت ، وأبي أسيد الساعدي وهم لم يغنوا شيئاً عن عثمان.