بالكفاح ، معروفون بالخير والصلاح ، والنخبة التي انتخبت ، والخيرة التي أختيرت لنا أهل البيت ، قاتلتم العرب ، وتحملتم الكد والتعب ، وناطحتم الاُم ، وكافحتم البهم ، فلا نبرح وتبرحون ، نأمركم فتأمرون حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام ، ودرّ حلب الأيام ، وخضعت نعرة الشرك ، وسكنت فورة الإفك ، وخمدت نيران الكفر ، وهدأت دعوت الهرج ، واستوسق نظام الدين ، فأنّى حرتم بعد البيان ، وأسررتم بعد الإعلان ، ونكصتم بعد الإقدام ، وأشركتم بعد الإيمان ، بؤساً لقوم ( نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ ) (١) ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض ، وركنتم إلى الدعة ، ونجوتم من الضيق بالسعة ، فمججتم ما وعيتم ، ووسعتهم الذي تسوغتم فـ ( إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ) (٢) ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم ، والغدرة التي استشعرتهاقلوبكم ، ولكنها فيضة النفس ، وبثة الصدر ، ونفثة الغيظ ، وتقدمة الحجة ، فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر ، نقبة الخف ، باقية العار ، موسومة بغضب الله وشنار الأبد ، موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ، فبعين الله ما تفعلون ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (٣) وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد ( اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ ) (٤).
فاجابها ابو بكر بقوله : « يا ابنة رسول الله لقد كان ابوك بالمؤمنين
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ١٣.
(٢) سورة إبراهيم ، الآية : ٨.
(٣) سورة الشعراء ، الآية : ٢٢٧.
(٤) سورة هود ، الآية : ١٢١ ،١٢٢.