فكونه أُسوة حسنة في جميع المجالات لا يتفق إلاّ مع عصمته المطلقة ، بخلاف من يكون أُسوة في مجال دون مجال ، وعلى ذلك فهو مصون من الخلاف والعصيان والخطأ والزلل.
وإن شئت قلت : لو صدر عن النبي عصيان وخلاف فمن جانب يجب علينا طاعته واقتفاؤه واتباعه ، وبما انّ الصادر منه أمر منكر يحرم الاقتداء به واتباعه وتجب المخالفة ، فعندئذ يلزم الأمر بالمتناقضين ، والقول بأنّه يجب اتّباعه في خصوص ما ثبت كونه موافقاً للشرع أو لم تعلم مخالفته له ، خلاف إطلاق الآيات الآمرة بالاتّباع على وجه الإطلاق من غير فرق بين فعل دون فعل ، ووقت دون وقت.
وهذا المورد من الموارد التي يستكشف بإطلاق الحكم حال الموضوع وسعته وانّه مطابق للشرع ، وكم له من مورد في الأحكام الفقهية (١).
الآية الخامسة
إنّ الله سبحانه يحكي عن الشيطان الطريد بأنّه قال : ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ ) (٢).
ويقول أيضاً : ( وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ ) (٣).
__________________
(١) وقد عنونه الأُصوليون في أبحاث العام والخاص فيستكشفون عن إطلاق الحكم سعة الموضوع كما في مثل قوله : « لعن الله بني أُمية قاطبة » فيستدل بإطلاقه على سعته وعدم وجود مؤمن فيهم ، وإلاّ لما صح الحكم بالإطلاق.
(٢) ص : ٨٣ ـ ٨٤.
(٣) الحجر : ٣٩ ـ ٤٠.