وقال تعالى : ( وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (١) إلى غير ذلك من الآيات الّتي تعدُّ الذكر الحكيم نوراً منزّلاً من الله سبحانه إلى البشر كلّه في جميع العصور والقرون ، ولجميع الأجيال والمجتمعات ، فيجب علينا أن نقف على السر الّذي أصبح به القرآن نوراً وضياء.
أقول : إنَّ علماء الطبيعة كشفوا عن أسرار النور وخواصه ، فلاحظوا :
أوّلاً : أنّ سرعة النور لا تضاهيها سرعة أيّ شيء آخر.
ثانياً : أنّ حياة النبات والحيوان رهن للنور ، فلولاه لما استقرت الحياة وما اخضرّ لها عود.
ثالثاً : أنّ النور يكافح العوامل الهدّامة للحياة فيقتل بعض الجراثيم والميكروبات المضرة ، ويبقي الذرات النافعة للحياة ، إلى غير ذلك من الآثار المكشوفة الثابتة للنور في مجال علم الطبيعة.
مضافاً إلى أنّ النور يكشف الحجب في المجتمع فلا يرى إجرام المجرم في وضح النهار ، وإذا طرأت الظلمة خرج المجرمون من أوكارهم ابتغاءً للفساد ، ونشراً للرذيلة.
هذا هو حال النور الحسّي الّذي يمشي به الإنسان في حياته المادية ، وإذا كان هذا حال النور الحسّي فالنور المعنوي الّذي به حياة الإنسان الروحية ، أَولى أن يكون كذلك.
ومن حسن الحظ أن نجد النور المعنوي ( القرآن والسنّة ) حاملاً لهذه
__________________
(١) الشورى : ٥٢.